لله سنن ماضية في عاقبة الظلم والطغيان والجبروت والعدوان، وإرادة الله سبحانه وتعالى كسر الجبارين وأن يمكن للمستضعفين ماضية، كما قال تعالى في شأن فرعون: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص:4 - 6].
وعندما ولى عمر رضي الله عنه عماراً على بعض البلاد ثم عزله سئل: لماذا فعل ذلك؟ فقال: أردت أن يتحقق قول الله: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ)).
فهذه الآية ليست خاصة ببني إسرائيل، بل إن إرادته تعالى في المن على المؤمنين المستضعفين ماضية، وهي ليست خاصة بزمن دون زمن، ولذلك قال سبحانه: ((وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ)).
ثم قال تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ)) أي: حتى لا يبقى شرك يظهر ((وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)) أي: يبقى دين الإسلام فقط هو الظاهر العالي، فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ومن كان عندهم استعداد لأن يهبطوا فليسوا ممن يحملون راية الإسلام، فالله سبحانه وتعالى جعل هذا الدين ظاهراً حتى في أشد فترات الانكسار، فعندما قال أبو سفيان: اعل هبل اعل هبل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تجيبوه؟! فقالوا: وبم نجيبه؟! فقال: قولوا: الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم).