والله سبحانه وتعالى بشر المؤمنين ببشارات متعددة، قال عز وجل: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} [الحشر:11 - 12].
وهذه بشارة مستقلة، وهي قوله تعالى: ((ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ)) وتأمل (ثم) في هذا الموضع، فهي تقتضي نوعاً من التراخي، وذلك لنزول الابتلاء، وأن الله عز وجل يبتلي عباده، وقد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم للابتلاء، كما في الحديث: (وإنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك).
فالله بعثه ليبتليه ويبتلي به، فجعله فرقاناً بين الحق والباطل، وبناءً على ذلك الابتلاء فالله عز وجل يفرق بين أهل الحق المتابعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تكتب لهم الرحمة، والذين يكتب لهم الرضوان، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:156 - 157].
فالفلاح في اتباع النور الذي أنزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الكتاب والحكمة القرآن والسنة، ففي هذا يكون الفلاح، وفي غيره يكون الخسران، فالله جعل محمداً صلى الله عليه وسلم فرقاناً يفرق به بين الحق والباطل، فمن اتبعه كان محقاً ومن خالفه كان مبطلاً ذليلاً عند الله، ولا بد من أن يذل الله من عصاه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).