ويجب أن نفرق بين حسن الظن بالله والغرور به، فالغرور: أن تسير في طريق الباطل والمنكر ثم ترى نفسك من أهل الجنة، وأن هذا من العدل، فهذا لا يستحق دخول الجنة، تراه في الطريق مطروحاً يقول: سأصل إن شاء الله، فهذا ليس حسن ظن، لكن حسن الظن أن السائر يمشي ويركب المواصلات ويقول: يا رب! وصلني، فهذا يحسن الظن بربه، فالذي يريد أن يدخل الجنة فلابد له أن يسير في طريق الجنة، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ} [البقرة:218]، أي: يسير في طريق الطاعة، ويعمل الصالحات، ويرجو الله عز وجل أن يغفر له ذنبه وتقصيره، وأن يقبل عمله الناقص بفضله، فهذا يحق له إحسان الظن بربه، ولكن أن يسير في طريق المعاصي والفساد، ويحدث نفسه بالمغفرة والقرب التام، وهو لم يعمل شيئاً أبداً، ولا ضحى أي تضحية في سبيل الله، لا بشهوات، ولا بلذات، ولا براحة، ولا بذل جهداً لا في العلم، ولا في العمل، ولا في الدعوة، ولا في الجهاد، ولا في أي شيء، ويقول: أنا أريد أن أُصبح من المقربين لا أن يصبح مسلماً محافظاً بعض الشيء، نسأل الله العافية، ولذلك لما سمع ابن مسعود رضي الله عنه رجلاً يقول: أنا أريد أن أكون من المقربين، ولا أريد أن أكون من أصحاب اليمين، فقال: ههنا رجل يود أنه لو مات لم يبعث، يقصد نفسه رضي الله عنه.
مثلاً: إذا لم تمتحن طالبة امتحانات شهرية في ثلاث مواد، وقالت لها المدرسة: إذا أحضرت شهادة مرضية فسوف تضاعف الدرجة الخاصة بك، فهل يجوز أن تصدر شهادة مرضية كذباً وزوراً؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، فكم ستأخذين بغشك هذا؟ وماذا سيكون لك في الآخر؟ فلا يجوز أن تكذب، بل إذا كانت مريضة فستأتي بالشهادة المرضية إذا كان سبب تغيبها هو هذا.