اسمع يا عبد الله إلى أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو حاطب بن أبي بلتعة؛ صحابي جليل، ارتكب في الإسلام جريمة عظيمة وخطأ كبيراً، أتعرف ما هذا الخطأ؟
لما قرر عليه الصلاة والسلام أن يذهب إلى مكة ليفتحها ويقاتل المشركين، أرسل هذا الرجل رسالة مع امرأة ليبلغ المشركين، أن يحذروا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم إليكم ليقاتلكم، هل تظن أن هناك جريمة أعظم من هذه؟! وهل يبلغ الحال بإنسان في هذا الزمن أن يرتكب إثماً أعظم من هذا الإثم فيكشف خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين؟ فإذا بـ حاطب ماثل أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] لم يستعجل في الحكم، انظروا إلى التثبت، والتأني والروية، قال: (ما حملك على هذا يا حاطب؟ قال: يا رسول الله! أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفعون بها عن أهلي ومالي).
يد: أي: فضل ونعمة، يدفعون بها عن أهلي ومالي.
انظر إلى العذر، عذر غير مقبول، ولكن:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
(قال عمر: يا رسول الله! إنه منافق دعني أضرب عنقه، فقد خان الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر! ألم يشهد بدراً؟ قال: نعم.
قال: وما يدريك -يا عمر - لعل الله اطلع إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم) يا عمر! زن الحسنات والسيئات.
يا عمر! عنده حسنات عظيمة في الإسلام تهدم ما بعدها وما تحتها.
يا عمر! أتى بذنب لكن محاسنه أعظم، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة:8].