الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيتها الأخت الفاضلة، أيتها الأخت الكريمة، عنوان المحاضرة كما سمعتن: قضايا تهم المرأة.
وحديثي إلى المرأة خاصة؛ كيف لا وقد خصص الله جلَّ وعلا سورة كاملة باسم النساء، وجعل لمريم سورة باسمها، كيف لا أخصص حديثاً للمرأة وقد خصص الله جل وعلا لها أحكاماً وأموراً تختص بها عن الرجال كيف لا أخص المرأة بحديث وقد خصها النبي عليه الصلاة والسلام في يوم العيد بخطبة كاملة، فبعد أن حدث الناس جميعاً رجالاً ونساءً جاء إلى النساء وخصص لهن خطبة كيف لا وقد خصص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في بيت أم عطية مجلساً يأتي إليهن ويحدثهن ويعلمهن، وهكذا كنَّ الصحابيات سباقات إلى مثل هذه المجالس وهذه الأحاديث.
اسمعي أختي الكريمة، ولا تقطعي الحديث، وانتظري حتى أتم حديثي، فهي ساعة تمضي من العمر سوف ترينها في صحيفتك إن شاء الله يوم القيامة.
أختي الكريمة: كيف كنت قبل الإسلام؟ وكيف كانت المرأة قبل الإسلام؟
كانت لا تساوي المتاع والأثاث الذي يرمى بعد أن يبلى كانت المرأة منذ أن تخلق على وجه الأرض شؤماً على والديها، كما قال الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل:58 - 59].
كان الرجل إذا ولدت زوجته بنتاً يتهرب من الناس، يخاف من العار، ويخاف من الفضيحة كانوا يتشاءمون بالنساء، يضربونها، يهينونها، بل كانت المرأة إذا مات زوجها، أو مات أبوها، أو مات أخوها، فإنها لا ترث شيئاً مما تركوا، بل كانت تُورث مثل المتاع ومثل الدراهم.
كان الأب يأخذ ابنته الصغيرة ما أجملها، وما أحسنا! ويطلب من زوجته أن تزينها وتلبسها أحسن الملابس، وأن ترجلها وتغسلها وتطيبها.
ثم يأخذها ويداعبها ويلاعبها، ثم يذهب بها إلى صحراء قاحلة، لا أحد يراه ولا أحد يعلم به إلا الله جلَّ وعلا، فيحفر حفرة، وتحفر البنت معه وتساعد أباها وترق له، كيف يحفر في ذلك الحر الشديد، فتساعد أباها في الحفر وهي تضحك وتلعب معه وتمازحه، وتظن أن أباها سوف يلعب معها.
وبعد أن يكملوا الحفرة، يأتي إلى تلك البنت البريئة، فينزلها في تلك الحفرة المظلمة الموحشة، فتنزل وهي تضحك وتلعب وتداعب أباها، وبعد أن تنزل تقول لأبيها: يا أبي لماذا لا تخرجني الآن؟ يا أبي لماذا لا تعيديني إلى البيت الآن؟ وبعدها ترى أباها يرمي على وجهها التراب، فتضحك أولاً، ثم تمزح ثانياً، ثم تعلم أن الأمر جد، وأن الأمر على عكس ما كانت تتصور، فتنادي أباها، وتستغيث به وتستنجده، تصيح تبكي تولول، ولكن بعد قليل ذهب صوتها، وهدأت روحها، وخرجت نفسها {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8 - 9] بأي ذنب قتلت؟ ألأنها بنت؟! بأي ذنب عذبت؟ ألأنها بنت؟! بأي ذنب صارت كالأثاث والمتاع؟ ألأنها بنت ولأنها أنثى؟!
فلما جاء الإسلام ساوى الله جل وعلا بين الرجل والمرأة، وعدل بينهما، وجعل للرجل أحكاماً خاصة، وللمرأة أحكاماً خاصة، بل جعل لها حقاً حتى في الميراث، فلها حقوق وعليها واجبات الإسلام أكرم المرأة، بل جعل بعض النساء خير من كثير من الرجال، قال الله جلَّ وعلا عن مريم: {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران:42 - 43].