وبعد لحظات أتته امرأة غامدية، فتقول له: يا رسول الله! لعلك تردني كما رددت ماعزاً، إني زنيت فطهرني -أي جيلٍ هذا! أي أناس أولئك! أي قلب هذا! - وإني حبلى -عندي دليل، فبطني قد امتلأ- فصد عنها عليه الصلاة والسلام فقال لها: اذهبي حتى تضعي -لعلها ترجع إلى رشدها- فذهبت وأتت بعد شهور وفي يديها خرقه عليها جنينٌ صغير، فقالت: هو ذا يا رسول الله، زنيت فطهرني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبي حتى تفطميه -القلب الرحيم الشفيق على أصحابه لعلها ترجع، ما قال: نرجمها- قال: اذهبي حتى تفطميه، فأتت بعد شهور بيدها كسرة من خبز، فقالت: يا رسول الله! هو ذا يأكل، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطفل فدفعه إلى أحد الصحابة، وأمر لها بحفرة، فحفر لها، ثم وضعت فيها، فرجمت، ورجمها خالد فسقط رأسها وتطاير الدم عليه، فسبها خالد، فقال له عليه الصلاة والسلام: (مه يا خالد! لقد تابت توبةً لو تابها صاحب مكس لتاب الله عليه، وفي رواية: لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم).
هل رأيت أنها جادت بنفسها لله عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران:135].
أتدري ما الذي يدعوك إلى التوبة؟
إنه قربك من الله، ورجاؤك رحمة الله، ومحبتك لله عزَّ وجلَّ.
لعلك تتعجب ما بال بعذ أولئك الناس ينام على الفراش فيبكي ولا تشعر به زوجته! تتعجب ما الذي جعلهم يقومون من الليل! {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [السجدة:16] الواحد منا لا يستطيع أن يقوم لصلاة الفجر، بينما هم يقومون في منتصف الليل من الفراش، ما الذي أقامهم؟ الجواب في قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} [السجدة:16].
تقول بنية صغيرة لأبيها: يا أبتاه! ما لي أراك لا تنام مثل الناس؟
قال: يا بنية! إن خوف أبيك من النار قد أذهب عنه النوم.