أول أمرٍ يدعوك إلى التوبة: الخوف من الله هل حقاً أننا نخاف من الله؟ هل حقاً أن الواحد منا إن أذنب خاف من ذنبه وكأنه يلاحقه، يتفكره طوال حياته، ويبكي بسبب ذنب ارتكبه منذ سنوات؟
الحق أن يُخاف من الله، الحق أن الواحد عندما يفتح المصحف ويقرأ عن عذاب الله: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً} [النبأ:21 - 22] الحق أن نخافه.
الحق أننا عندما نقرأ عن عذاب أهل النار، قوله تعالى: {وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً} [المزمل:13] يجب أن نخاف، إذا عرفت عن عذاب أهل النار أنهم يلبسون ثياباً من نار، ويأكلون طعاماً من نار، وينامون على فرش من نار، ويلتحفون بفرشٍ من نار، ويستظلون بظلل من النار: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر:16] أتعرف ما العبرة؟ {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر:16].
إن أول أمر يدعوك إلى التوبة: هو الخوف من الله خوفٌ من عذابه خوفٌ أن يعرض الله عنك، ألا تخاف -أخي العزيز- أن يعرض الحبيب عنك! {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [البقرة:165] ألا تخاف أن تلقى في النار! {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15] فأكبر عذابٍ لأهل النار أن يحجب العزيز عنهم، كما أن أفضل نعيمٍ لأهل الجنة أن يروا وجه الرحمن.
ألا تخاف -أخي العزيز- مكر الله! كمن يرتكب الذنوب والمعاصي يختلي بنفسه يفتح الجريدة فإذا هو يتلذذ يتمتع بالأغاني والمسلسلات يذهب إلى الأسواق فينظر يمنة ويسرة إلى النساء الكاسيات العاريات، ألا تخاف مكر الله؟ أما سمعت ذلك الذي تعلق قلبه بصبي، فلما اقتربت ساعة وفاته قال:
أَسَلْمُ يا راحة العليل ويا شفاء المدنف النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي من رحمة الخالق الجليل
قيل له: اتق الله! قال:
رضاك أشهى إلى فؤادي من رحمة الخالق الجليل
اتق الله! فخرجوا من عنده، وصاح صيحة خرجت بها روحه، وقد كان يصلي ويصوم.
ألا تخاف مكر الله أأمنت مكره؟! {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99].