اسمع يا عبد الله إلى الفضيل بن عياض! وأنا أظن أن أكثركم قد سمع بـ الفضيل بن عياض الذي يسمى بعابد الحرمين، هذا الرجل من عبادته أنه كان إذا ذكر عنده الله أو سمع القرآن ظهر عليه من الحزن والخوف ويبكي حتى يرحمه من بحضرته، له ولد اسمه علي كان إذا صلى علي خلفه س وهو إمام في الصلاة، كان لا يرتل القرآن، لأنه يخاف على ابنه، لأن ابنه لا يتحمل القرآن، فكان إذا رأى ابنه خلفه قرأ القرآن قراءة عادية، وفي يومٍ من الأيام دخل ابنه في الصلاة، ولم يكن الفضيل يعلم أن ولده خلفه، فرتل الآيات، ووصل إلى قول الله جل وعلا: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:47] سمع ابنه يبكي، فخفف الصلاة، وبعد الصلاة وجد ابنه على الأرض، فحملوه ولكن فاضت الروح إلى بارئها: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:47].
نعم! إنهم صالحون يخافون من ذلك اليوم يخاف أن يبدو له شيء آخر، أين أولئك الغافلون؟ أين الذين لا يصلون الفجر حتى تطلع الشمس؟ أين الذين قطعوا الأرحام؟ أين الذين نظروا للنساء وتمتعوا بالنظر إليهن؟ أين سماع الأغاني والطرب؟ أين هم؟ إن الصالحين يخافون إذا لقوا الله جل وعلا: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:47].