الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
التربية العبادية هي: أن يربي الإنسان نفسه، وهي قضية مهمة، فقد أقسم الله عز وجل على فضلها فقال: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس:1 - 8] واسمع للمقسم عليه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:9] قد أفلح من طهر هذه النفس ورباها، وكانت من غايات بعثته عليه الصلاة والسلام أن يربي الناس ويزكيهم: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2] والتزكية هي بمعنى التربية.
وقضية التربية -أخي الكريم- ليست سنوات التزام، لو سألت بعض الناس: كم سنة أنت ملتزم؟
قال: ست أو سبع أو عشر سنوات.
فليست القضية في العمر أو في السنوات، لكن هل ربيت نفسك على عبادة الله جل وعلا؟ هل طهرت هذه النفس؟ هل زكيتها؟
ألهم الله عز وجل هذه النفس الفجور والتقوى، ثم قال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:9] أي: من زكى هذه النفس وطهرها عن الأدناس والأنجاس، ولهذا سوف نتكلم -يا عبد الله- في هذه الكلمات عن كيفية تربية النفس تربية عبادية، وسوف أقسم الموضوع إلى قسمين:
أن تربى النفس على أن تكون هذه النفس عابدة لله جل وعلا في أمرين:
أولاً: في معاملتها مع الله تعالى.
ثانياً: في معاملتها مع الناس.
أنت عبد لله جل وعلا أنت عندما تبيع وتشتري عبد لله، وعندما تتعامل مع الأم أو الأب أو الإخوة أو مع أي أحد من الناس جميعاً أنت عبد لله جل وعلا، فتربي نفسك حتى في معاملتك مع الناس، ولهذا سوف نقسم الموضوع -كما قلت- إلى قسمين: بينك وبين الله، ثم بينك وبين الناس.