قيل لأحد العُبَّاد: كيف كانت توبتك؟ -وهو لبيد العابد- قيل له: كيف كانت توبتك؟ -اسمع كيف تاب إلى الله جل وعلا هذا الرجل! - يقول: لدغتني حية -ثعبان- فلم أحس بالألم وبعد فترة لم أشعر بيدي -شُلَّت يده اليمنى- يقول: وبعد أيام شُلَّت يدي الأخرى، وأنا ما أدري ما الذي أصنع وما الذي أفعل، يقول: ومرت الأيام فشُلَّت إحدى رجلَي ثم الأخرى، فطُرِحْت على الفراش، لا أستطيع أن أحرك جسمي كله، يقول: ومرت الأيام فعمي بصري، وطال علي الأمر، فتوقف لساني عن الكلام -هل بقي فيه شيء؟ - يقول: لم يبقِ الله عز وجل إلا سمعي، أسمع ما يسوءني وأنا على الفراش، عندي زوجة، يسقوني وأنا غير عطشان، وأعطش فلا أرتوي، وآكل وأنا شبعان، وأجوع فلا أُطْعَم، وأُكْسَى وأنا كذا، يقول: وهكذا، أذوق الويل والمر والألم، يقول: حتى جاء يومٌ من الأيام فجاءت جارة لنا -يسمع كل كلام حوله، ولا يرى، ولا يستطيع أن ينطق ولا يتحرك- يقول: جاءت جارة لنا، فسألت زوجتي: كيف حال زوجك؟ فقالت الزوجة قالت: لا حيٌ فيُرجى، ولا ميتٌ فيُنسى، يقول: فتألمت من هذه الكلمات حتى انهمرت دموعي وأنا أبكي على الفراش، يقول: فلما جاء آخر الليل دعوت الله جل وعلا، واجتهدت بالدعاء وأنا أبكي وأستغيث بالله، وأتوسل إلى الله، فجاءني ألم شديد في جسمي فأنهكني الألم، حتى أغمي علي، يقول: وبعد ساعات استيقظت من النوم فوجدت يدي على صدري، يقول: فحركتها، فإذا هي تتحرك، ويدي الأخرى تتحرك، ورجلاي يقول: فقمت على جسدي، وأنا أتكلم، ففتحت الباب فنظرت إلى النجوم، وأنا أقول: يا قديم الإحسان لك الحمد، يا قديم الإحسان لك الحمد، وأنا ألتفت إلى مَن حولي وأقول: لربي الحمد، لربي الحمد: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:62] الكافر إذا اضطر استجاب الله له، الكافر إذا ضاقت عليه الأمور، وأخلص الدعاء، استجاب الله له، كيف بالمؤمن! {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:62].
يقول لي المسكين: قال لي الطبيب: مرضك لا شفاء له، قلت له: كذب الطبيب، فما من داء إلا أنزل الله له دواء، عَلِمَه مَن عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه؛ ولكن هل طرقْتَ باب الله؟ وهل استغثت بالله؟ وهل جربت الدعاء من القلب؟