يقول عمر رضي الله عنه وأرضاه: {أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقبض زكاة الناس وصدقاتهم، فقبضتها حتى انتهيت إلى خالد، فمنعني الزكاة، وأتيت العباس فمنعني الزكاة، وأتيت ابن جميل فمنعني الزكاة، قال: فعدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله دفع الناس كلهم زكواتهم إلا عمك العباس، وخالد بن الوليد، وابن جميل، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: أما عمي العباس فهي عليّ ومثلها لسنتين، ألا تدري يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه؟! -أي: مثل أبيه، فأنا أدفعها عنه لأنني ابنه وهو في مثابة أبي- وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، لقد احتبس أدرعه وعتاده وماله في سبيل الله} فكيف يزكي مالاً احتبسه كله في سبيل الله؟!
كيف يزكي دروعاً وسلاحاً وسيوفاً قد جعلها وقفاً في سبيل الله؟!
يقولون معن لا زكاة لماله وكيف يزكي المال مَن هو باذلُهْ
ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائلُهْ
ثم يقول صلى الله عليه وسلم: {وأما ابن جميل فما ينقم على الله إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله جلَّ وعلا}.
ها هو خالد ذلك المظلوم الذي ظلمه التاريخ والمؤرخون، سكتوا عن خالد وذكروا نابليون، وهتلر، ولينين، واستالين، أعداء الإنسانية، وقتلة البشرية، الذين دمروا المدن، وقتلوا الآمنين، وسفكوا دماء النساء والأطفال والرجال والمسلمين.
سكتوا عن خالد وظلموه وهضموا حقه لكن لن يظلمه رب العالمين سيوفيه حسابه، ويحفظ أجره ومثوبته: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89].
يقول خالد أتيت المدينة لأسْلِم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخلت حيياً خجلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآني قام وحياني، وهش وبش في وجهي وعانقني.
عانقه صلى الله عليه وسلم معانقة الأبطال، وحياه محيا الشجعان، لأنه سوف يكون سيفاً في يده صلى الله عليه وسلم.
ومن تلك اللحظة أعطاه صلى الله عليه وسلم حقه في الإسلام احترمه وقدره، وأنزله منزلته؛ لأن الله أخرجه حياً من ظهر ميت كافر عنيد.