أخيراً معشر الإخوة والأخوات والبنين والبنات! إننا نعيش عصراً تتسارع فيه الفتن كقطع الليل يرقق بعضها بعضاً
والأمة الوسط استكان حدها وأرى بغاث الطير لا تتلعثم
حلفاء أبي لهبٍ فيه كثير، والمهتدون بهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم قليل، ألا إنه لن يتم الاندفاع بهدى محمد الأمين عليه صلوات وسلام رب العالمين، إلا بالانقطاع عن خزي أبي لهب مع بيان سبيل المجرمين، ولا يصح الإيمان بذي العزة والجبروت والملكوت إلا بالكفر بالطاغوت، وإلا فالحتوف.
كن في الفتنة كابن لبون لا ظهر فيركب ولا لبن فيحلب، وإلا فالحتوف.
إن وقفة الرجل في محرابه متضرعاً، وبقلمه ولسانه في المحافل موجهاً يدفع شبهة، ويرفع شهوة، ويوقظ ضجعة، كوقفته بسلاحه يقصف جحافل الأعداء ويريق الدماء.
إن أقلام وألسنة الكتاب المخلصين لا تقل مضاءً عن سيوف المجاهدين، إن مداد أقلامهم في الدفاع عن الدين لا تقل بإذن الله عن دماء المجاهدين، فسخِّر حروفك لخدمة دينك المنيف، وإلا فالحتوف.
الظلم ظلمات يوم القيامة، ومن عادة الشيطان أن يرتفع بضحيته، ليكون الهبوط بقدر الصعود، فاحذره، وإلا فالحتوف!
المسلمون وأنت فرد منهم هم الأمة الشاهدة الوسط الخيار الأخيرة؛ لا أمة بعدها، فإذا ضاعت ضاعت الرسالة، وإن هلكت غرقت السفينة، فاسع في نقل الأمة من غثائيتها إلى ربانيتها جهدك، وامض على الصراط المستقيم، ولا تلتفت للوراء ولو كثر العواء؛ حرصاً على الواجبات والأوقات، فكل دقيقة يصرفها العاقل في مجاراة هؤلاء النابحين هي مقتطعة من العمر قاطعة عن العمل، وماذا يقول العقلاء في من نبحته الكلاب جرياً على عادتها وطبيعتها، فقطع وقته في مجاراتها ومحاورتها، لاشك أنهم يقولون: عقله كعقول الكلاب.
فارفع شعار سلام ومر مر الكرام
وإلا فالحتوف.
إن الحياة جهادٌ والجدير بها من غالب العاصفات الهوج والنوبا
وإن من أحكم الأقوال تجربةً أعدت الراحة الكبرى لمن تعبا
فغالب الباطل، وأَتعب قواك في الحق دهرك، وإلا فالحتوف.
أيها الجيل! لديك أعظم ميراث وأكبر ثروة عرفها التاريخ، وثيقتك كتبت من أربعة عشر قرناً أو تزيد، كتبتها المحابر، وأذن بها على المنائر، وصلي بها في المحاريب، وخطب بها على المنابر، وحررت بها العقول والحقول، وفتحت بها الأقطار والأمصار، وقطعت بها البيد والقفار، لن تضل بإذن الله ما تمسكت بها؛ إنها نبع الوحي ما اختلط بطين، لأنه محفوظٌ من رب العالمين، فخذها بقوة، وعض عليها بالنواجذ، وإياك والمحدثات، وإلا فالحتوف.
{من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيقل خيراً أو ليصمت} إن عجز اللسان عن قول الخير، والساعد عن حمل السيف، فلا يعجزن اللسان عن الصمت، ولا الساعد عن حمل القلم، وإلا فالحتوف.
بالحروف من الوحي خاطب الأرواح بلغتها، وائت البيوت من أبوابها، فإذا رأيت أرض الأفئدة قد اهتزت وربت، وهضابها القاسية قد تقلبت، فشمر عن الذراع واغتنم خفقان الشراع، والإسراع الإسراع، وإلا فالحتوف.
وكم من حروفٍ تجر الحتوف وأخرى تجر لخير منيف
وكم ساكتٍ ود أن لو نطق وكم ناطقٍ ود أن لو سكت.
هذا مجمل القول عدلت فيه عجزاً عن الوابل إلى الطل، فخرجت كالطيف خطرة طيف، وسحابة صيف، وأرجو أن تكون قد فهمت، فمن الحيف ألا تفهم لغة الضيف:
وما ذاك مني بل من الله وحده بفتحٍ وإمدادٍ وفضلٍ ونعمةِ
فإن أك فيها مخطئاً أو مغالطا فمن ذات نفسي كل خطئي وغلطتي
أتوب إلى الرحمن من كل خطأةٍ وأستغفر الرحمن لي ولإخوتي
وأسأله جلَّ اسمه بصفاته وأسمائه الحسنى قبول كليمتي
يا محيي القلوب بالإيمان اكفنا زلل القدم والقلم واللسان، يا غافر الذنب ويا قابل التوب نستغفرك من كل تصريحٍ أو تلميحٍ بنقصان ناقصٍ كنا متصفين به، نستغفرك من كل وعدٍ وعدناه فقصرنا في الوفاء به.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المسلمين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك باليهود ومن هاودهم، اللهم عليك بالنصارى ومن ناصرهم، والمنافقين ومن وافقهم، والمشركين ومن شاركهم، والشيوعين ومن شايعهم، اللهم عليك بجميع أعداء الدين، اللهم فرق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم اجعل الدائرة عليهم، اللهم أذق بعضهم بأس بعض، اللهم أذهب ريحهم، اللهم اجعلهم غنيمةً باردةً للمسلمين، اللهم كن لإخوتنا المستضعفين والمأسورين والمضطهدين والمجاهدين في فلسطين وأفغانستان وكشمير والشيشان وكوبا والفلبين وأندونيسيا وجميع العالمين، اللهم كن لهم أجمعين، اللهم أفرغ عليهم صبراً وثبت أقدامهم وانصرهم على القوم الكافرين، اللهم اشف جرحاهم، اللهم فك أسراهم، اللهم تقبل في الشهداء موتاهم، اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع أهل الشرك والزيغ والنفاق والعناد والفساد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد.
اللهم بصرنا بعيوبنا، وألف بين قلوبنا، اللهم لا تجعلنا في العمل لهذا الدين كأهل الجحيم؛ كلما دخلت أمة لعنت أختها، أنت مولانا نعم المولى ونعم النصير، والحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.