والشنيعة الشنعاء معشر الإخوة، والداهية الدهياء التي تستحق جز الغلاصم، وقطع الحلاقم، ولدغ الأراقم، ونهش الضراغم، فهي البلاء المتلاطم المتراكم: تنكر الطالب لشيخه الذي طالما أفاده وعلمه، وأحسن إليه وأدبه، ولمن كان سبباً في هدايته لهوىً في نفسه يجحد ما مضى من إحسانه إليه، ويسل لسانه عليه، فيقول بقول كافرة العشير: ما رأيت منك خيراً قط، ثم يذم ويشنع، ويقبح ويبدع، يصدق عليه قول القائل:
له بطن تمساحٍ وقلب حمامةٍ وأنياب ضرغامٍ ومنخر هرةِ
سلاحه رث، وحديثه غث!
مساوٍ لو قسمن على الغواني لما أمهرن إلا بالطلاق
فيا عجباً لمن ربيت طفلاً ألقمه بأطراف البنان
أعلمه الرماية كل يومٍ فلما اشتد ساعده رماني
أعلمه الفتوة كل حينٍ فلما طر شاربه جفاني
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني
بليت به جهولاً جاهلياً ثقيل الروح مذموماً بغيضا
ولم يك أكثر الطلاب علماً ولكن كان أسرعهم نهوضا
فله ولمن كان على شاكلته أقول: قعوا أو غِيروا ما ذلك بضائرنا ولا بضائرهم، ووالله ما هو بنافعكم، وإذا أكثرتم الرماد، فأثارته الريح، فلا تلوموها ولوموا أنفسكم، ألا هل جزاء الإحسان إلا الإحسان، والموعد الله.
ومن يعتلق حبل الدعاوى ترد به فحبل الدعاوى ذو خيوطٍ ضعيفة