وأيضاً يا أيها الإخوة من أوصافهم: الاعتراض على قدر الله.
وكلما نزلت مصيبة، أصابهم الجزع والهلع، وكلما نزلت كارثة أخذوا ينسبونها إلى الأسباب ولا يرجعونها إلى الله جل وعلا، فلما مات بعض الصحابة في غزوة أحد، وقتل منهم من قتل، وجرح منهم من جرح، أخذوا يضحكون عليهم ويعترضون على القدر، فقال الله عنهم: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران:168] لو جلسوا معنا وما ذهبوا إلى الجهاد ما ماتوا وما قتلوا، كما يقول بعض الأعداء -قاتلهم الله-: لو لم يذهب إلى الجهاد، لو لم يقم لله جل وعلا آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ما أصابته مصيبة، وما نزلت عليهم هذه المصيبة.
ولهذا إذا أصاب أحدهم منهم موت عزيز أو قريب أو حبيب؛ يصيبه الجزع والهلع، تجده متضايقاً يرد أمر الله وقدره؛ بل سمعنا عن بعضهم في هذا الزمان -وليس كل هذه الأوصاف دليل على النفاق الأكبر، فلربما يكون نفاقاً أصغر- يعترض على قدر الله في الإنجاب، فإذا جاءته بنت اعترض على القدر وتضايق، وإن جاءه ولد فرح؛ بل إن بعضهم هداه الله يشترط على زوجته إن أنجبت بنتاً فإنه يطلقها، وإن أنجبت ولداً فإنه سوف يبقيها في ذمته، وسمعنا عن هذا من بعض الناس، إما أنه يدل على جهل في أمر دينهم، أو ضعف إيمان، أو نفاق عافنا الله من هذا.