دخل أبو العتاهية على هارون الرشيد وقد مدح الناس قصره، فقال له: ماذا تقول أنت يا أبا العتاهية؟
قال أنا أقول:
عش ما بدا لك سالماً في ظل شاهقة القصور
قال الملك: هه، يعني زد، ما أعظم هذا الشعر!!
يجري عليك بما أردت من الغدو من البكور
ففرح الملك فقال:
فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقناً ما كنت إلا في غرور
فبكى الملك حتى سقط على الأرض من البكاء، ثم لما أفاق قال للجنود وللحرس: اهتكوا الستر، وأغلقوا الأبواب فإني راجعٌ إلى بيتي القديم.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [آل عمران:185] مصيبتنا -والله- في الدنيا، حتى بعض الصالحين مصيبته في الدنيا، حتى بعض من يتظاهر بالالتزام مصيبته في الدنيا، كبَّر وما زال قلبه في البيت، سجد ومازال يفكر في الدوام، يقرأ القرآن وهو يتذكر زوجته وأشغال البيت، إنا لله وإنا إليه راجعون، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:185].