لا تقل سوف فسوف، يضيع عليك العمر، وهذه من أساليب الشيطان، وإذا كان عندك مهمة صعبة وبحث كبير فجزئه، ولا تقل: أحفظ القرآن كله، لا، بل: احفظ جزءاً في كل شهر، ولا نقول لك: احفظ القرآن كله في سنة، فهذا الأمر صعب، بل نقول: في كل سنة احفظ عشرة أجزاء، فإن الأمر صار سهلاً، إذاً: عليك أن تجزئ الأمور حتى لا تعظمها، ولا تقول: الأمر صعب، وكبير جداً، ولابد من أوقات راحة كما ذكرنا.
لا تخالط أهل ضياع الأوقات، الذين لا هم إلا اللعب واللهو والضحك، واعلم أنه كلما مر الزمان كلما ازداد شغلك، وازداد همك.
يُحكى أن أحمد بن محمد السلفي، الحافظ الكبير، يقول عن نفسه: أنه حدَّث سنة اثنتين وتسعين وما في وجهه شعرة، كان شاباً صغيراً، كان يحدث الناس وعمره سبع عشرة سنة.
يقول الحميدي: سمعتُ زنجي بن خالد، يقول للشافعي: أفتِ يا أبا عبد الله، فقد والله آن لك أن تفتي.
وهو ابن خمس عشرة سنة، ويقال له: أفْتِ، فقد وصلت إلى درجةٍ تَفْتِي الناس.
انظروا إلى الهمة العالية التي تنطح الجبال!
عباد الله:
إنَّا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى جزء من العمُرِ
يقول الشاعر:
والوقت أنفسُ ما عنيتَ بِحفظهِ وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ
أقول هذا القول، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.