سابعاً: إياك أن تستعجل الفُتيا.
فإن بعض الناس يحفظ القرآن وعمره سبع سنوات، ويحفظ معه مائة أو مائتي حديث، ويظن أنه قد بلغ مرتبة الفتيا، وأنه يحق له أن يفتي،
يا أخي: إلى الآن لم تبلغ مرتبة الفُتيا، الفُتيا لها شروط ولها ضوابط، وانظروا إلى السلف كيف كانوا يتهربون من الفُتيا، أما الآن فإنك إذا سألت أحداً قال لك: أنا أرى في المسألة وأرجِّح كذا.
من أنت حتى ترجح؟ أو يقول أنا أقول في هذه المسألة كذا.
من أنت حتى تقول أصلاً؟ أنت إما أن تنقل رأي العلماء وفهمهم أو تسكت، أما أن ترجح وتفصل وتقول: والله أظن أن الشيخ الفلاني جاءنا بالصواب.
سبحان الله! إما أن تسمعها من شيخ وإلا إياك أن تتعجل حتى تبلغ هذه المرتبة.
يقول حجاج بن عمير بن سعيد: سألتُ علقمة عن مسألة، فقال: ائت عبيدة فاسأله -يتهرب من المسألة- قال: فأتيت عبيدة، فقال: ائت علقمة.
فقلت: علقمة أرسلني إليك.
فقال: ائت مسروقاً فاسأله.
فأتيتُ مسروقاً فسألتُه، فقال: ائت علقمة فاسأله -أرجعه إلى الأول- فقلتُ: علقمة أرسلني إلى عبيدة، وعبيدة أرسلني إليك.
فقال: ائت عبد الرحمن بن أبي ليلى.
فأتيتُ عبد الرحمن بن أبي ليلى يبحث عن سوال واحد، ولو سئل به أحد الناس لأجاب مباشرة قبل أن يكمل السؤال قال: فأتيت عبد الرحمن بن أبي ليلى، فسألتُه فكرهه.
كره الإجابة، مع أنهم علماء! يقول: فكرهه، ثم رجعتُ إلى علقمة، فأخبرتُه، فقال: كان يُقال: أجرأ القوم على الفُتيا أدناهم علماً.
إذا أردت أن تعرف أضعف الناس علماً فهو الذي يفتيك بسرعة، الذي كلما سألتَه بسؤال أجابك، فهذا أضعف الناس وأقلهم علماً.