تعلم العلم مع الأدب

خامساً: لابد من تعلم العلم مع الأدب.

إياك إياك أن تتعلم العلم بغير أدب! وانظر إلى الأدب عند بعض العلماء وعليكم أن تتحملوا فإن هذا الدرس تطبيق عملي لما قلناه من الصبر، ومن احتمال الكلام، ومن التصبر في طلب العلم.

يقول الشافعي رحمه الله -وانظروا إلى الأدب مع شيخه- يقول: كنتُ أصفح الورقة بين يدي مالك صفحاً رقيقاً هيبة له لئلا يسمع وقعها.

هذا هو الأدب، وماذا نستفيد من طلب العلم بغير أدب؟! طالب علم حافظ للقرآن وحافظ أحاديث كثيرة، وما جلس مجلساً إلا ولسانه سليط على الناس، يبدِّع الناس، ويفسقهم ويكفرهم ويضللهم، ولو ناقشته في مسألة لفسقك وبدَّعك، ولا تستطيع أن تناقشه أصلاً، فإنه يرفع صوته عليك، ولا بد أن يكون منتصراً هذا عنده علم لكنه قليل في الأدب، فلا ينفع علمه هذا إلا إذا وجد معه الأدب.

يقول الربيع بن سليمان، وهو تلميذ الشافعي، فلأن الشافعي أحسن أدبه مع شيخه، أحسن تلميذه معه الأدب، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، يقول الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ هيبة له.

وبعض الناس قليل أدب، يجلس أمام شيخه، والشيخ يتكلم، فينادي باسمه، أو يتصيد أخطاءه، أو يفضحه بين الناس وكل عالم وشيخ له أخطاء، وله زلات، لكن هذا ليس عنده إذا جلس في مجلس إلا أن يقول: سمعتم الشيخ ماذا قال؟ ويبدأ يتكلم ويجرح سبحان الله! أتعب نفسه في جمع الأدلة على الشيخ فلان، أتعب نفسه ووقته وضيع عمره وقل أدبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015