تقول عائشة: (جاءتنا المجادلة -المجادلة التي في سورة قد سمع الله- تشتكي إلى رسول الله من زوجها، تقول عائشة: وليس بيني وبينها إلا ستارٌ رقيق، تقول: لا أسمع بعض كلامها، وإذا بالرب ينزل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة:1]) لا تظن عندما تختلي بنفسك في معصية أو تغترب عن الأرض؛ لتعصي الله جل وعلا، أو تغلق على نفسك الباب وتطفئ الأضواء لتعصي لا تظن أن الله قد غفل عنك:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
الإمام أحمد بن حنبل لما سمع هذه الأبيات ترك مجلس العلم، ودخل في غرفة وأغلق الباب على نفسه، وانتظره طلابه فلم يخرج، فجاءوا إلى الغرفة يريدون طرق الباب، فسمعوا الإمام أحمد يردد هذه الأبيات وهو يبكي.
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن في توباتنا فنتوب
يقول وهب رحمه الله: [خف الله على قدر قدرته عليك] خف من الله.
زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه وعن أبيه وجده: كان إذا توضأ اصفر لونه، فيقولون له: لم يصفر لونك عند الوضوء؟ بعض الناس يكبر للصلاة ولا يدري عن الصلاة شيئاً، هذا الرجل إذا توضأ اصفر لونه قالوا: لم؟ قال: [أتدرون بين يدي من أقف؟! أقف بين يدي الله أقف بين يدي الله] أين الذين يكبرون للصلاة وقلوبهم في الأسواق وفي الدنيا وشهواتها؟ تجده يسمع قول الله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:2 - 4] والقلب ما زال في الدنيا: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:67] وأدع هذه الآية إلى آخر المحاضرة.