الأمر الثاني يا عبد الله: عليك أثناء الطلب بالأولويات، فبعض الناس لا يعرف في أثناء الطلب ماذا يقدم على ماذا؟
وقد سمعت أحد المشايخ يخبر عن أحد الطلاب، يقول: إنه يحفظ اثني عشر طريقاً لحديث (من أتى الجمعة فليغتسل) يحفظ اثني عشر طريقاً، ولا يعرف آداب غسل الجمعة! بالله عليكم أيها الإخوة، أيهما أولى: أن يتعلم أولاً آداب غسل الجمعة ليحسن عبادته أولاً أو يتعلم هذه الطرق؟ كلاهما مهم لكن هناك أولويات، لا بد أن نتعلمها، ولهذا تعجب من بعض الإخوة حيث تجده بعض الأحيان يجلس يقول لك: فلان وثقه فلان -مهتم منكب على هذا العلم، وهذا علم مهم، ولا بد من تعلمه، وهو من فروض الكفايات- وفلان ضعفه فلان وفلان ضعيف، وفلان صادق، وفلان فيه كذا وفلان قال كذا، ولكن سله عن تفسير القرآن؟
ما قرأ تفسيراً واحداً لكتاب الله، وأقل القليل للمبتدئين تفسير ابن كثير هل قرأت؟
يقول: لا، قرأت جزءاً أو جزأين بالله عليكم أيهما أولى؟
طالب العلم أول ما يقرأ كتاب الله، ويتعلم معانيه، ويحفظه ويقرأ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتعلم معانيها، ويحفظها ويتعلم شيئاً من الفقه في عبادته، وشيئاً من العقيدة لإيمانه ودينه، ويتعلم بعض العلوم شيئاً فشيئاً، أما أنه يريد أن يصل إلى أعلى الدرجات من البداية، فإنه سوف يسقط، وهذا غالباً ما يصيبه العجب والغرور ثم تضيع حياته وما استفاد شيئاً.
وأنصحك في باب الأولويات، بالتدرج في طلب العلم؛ فإن كثيراً من الشباب يسأل: بماذا أبدأ من الكتب الآن؟ فيضع له جدولاً وبرنامجاً في هذه العطلة فمثلاً: يقرأ في التفسير تفسير ابن كثير وفي الحديث مختصر صحيح البخاري للزبيدي مثلاً، وابدأ في الفقه بمتن بسيط أو احضر عند بعض المشايخ، وفي التوحيد اقرأ فتح المجيد، أو اسمع أشرطة الشيخ ابن عثيمين فيه، أو اقرأ كتابه، وفي النحو كذا، وفي المصطلح كذا، وفي الأصول كذا، وضع له جدولاً، أحيلك أخي الكريم إلى كتاب مختصر مبسط بعنوان: برنامج تفصيلي لطالب العلم، ولعله وزع عند كثير من الشباب، هذا يختصر لك التدرج في طلب العلم، وكيف تبدأ وبأي الكتب، ولا تنتقل من كتاب إلى ما بعده حتى تختم ما يوازيه من الكتب، وبهذا تكون قد تدرجت في طلب العلم.