أما القضية الثانية يا عباد الله! فهي: شهادة أن محمداً رسول الله، محمد عليه الصلاة والسلام هو الرسول الذي لا طريق إلى الجنة إلا من طريقه، ولا يعرف الله إلا من خلاله، ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: أن نطيعه فيما أمر، ونجتنب ما نهى عنه وزجر، ونصدقه في كل ما أخبر، ولا يعبد الله إلا بما شرع عليه الصلاة والسلام، دين محمد عليه الصلاة والسلام كامل، ففي حجة الوداع أنزل الله عليه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] فقام في الناس يبلغهم فقال: (ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم.
فقال: اللهم فاشهد! اللهم فاشهد! اللهم فاشهد!) يشهد الله على أن الدين كامل لا يحتاج إلى إضافة أو تصحيح، فمن زاد في الدين فقد قال في النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) فمن صلى صلاة لم يشرعها الله ولا رسوله، أو أتى بذكر أو بعبادة مبتدعة فإن (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
عباد الله! كل دين جديد، وكل عبادة لم يأذن بها عليه الصلاة والسلام فاعلم أن صاحبها على خطر.
قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته) فلا ينفع مع البدعة أن تقول: أستغفر الله، حتى تدعها وتتركها فيتوب الله عز وجل عليك.
عباد الله: إن البدعة أمرها خطير، ولهذا قال العلماء: إنها شر من المعصية، ولأن البدعة بريد إلى الكفر والشرك بالله، حتى قال الإمام مالك: "من زعم أن في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمداً خائن".
أي من قال: هذه بدعة لكنها حسنة، فقل له: كلامك يستلزم أن محمداً عليه الصلاة والسلام قد خان الرسالة، كيف تكون حسنة ولم يخبرنا بها عليه الصلاة والسلام؟! ولم يبلغنا إياها؟! وهو الذي قال: (ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا أمرتكم به) وقال: (تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) ولهذا يأتي يوم القيامة على الحوض يرد مع الناس فتأتي الملائكة تدفع بعضهم وتزيح بعضهم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أصحابي أصحابي! فيقولون: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك) لقد زادوا وشرعوا وابتدعوا في دين الله.
عباد الله: إن القضية الكبرى؛ قضية أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والمسألة شديدة، والمسألة كبيرة؛ لأن بها يدخل الناس الجنة وينجون من النار، فعلينا أن نتعلم ما معنى لا إله إلا الله؟ وما شروطها؟ وأركانها؟ ومقتضياتها؟ ونتعلم معنى أن محمداً رسول الله؟
ليست القضية علم فقط بل لابد من تطبيق، فالذي يعلم أنه لا إله إلا الله لا يلتجئ إلى غير الله، ولا يستعين فيما لا يقدر عليه غير الله إلا بالله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يدعو غير الله.
والذي يشهد أن محمداً رسول الله يحتاج إلى واقع عملي، لا يزيد في دين الله، ويلتزم بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وبهذا يكون قد أتى بمعنى الشهادتين علماً وعملاً، اعتقاداً وتطبيقاً، نسأل الله عز وجل أن يميتنا عليها.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداء الدين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.