إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون: معنا في هذه الخطبة نذير لنفسي ولإخواني المسلمين، وهي بعضٌ مِن الأسباب التي بها يدمر الله عز وجل القرى ويهلك الأمم.
وكم وكم من القرون ومن الأمم ومن القرى أهلكها الله جل وعلا! فمنها قائم إلى الآن، ومنها حصيد حصده الله جل وعلا، فلا تجد منهم باقياً ولا أثر ولا نفساً منفوسة، أين هم؟ ذهبوا إلى الله جل وعلا، وأهلكهم الله تبارك وتعالى، ودمرهم ولَمْ يُبْقِ منهم أحداً، وهل هذا ظلم من الله جل وعلا؟! قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [هود:101] ما ظلم الله جل وعلا أحداً بل هم الذين ظلموا أنفسهم {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96].
وكم أهلك الله عز وجل من القرى ومن الأمم بذنوبهم وبمعاصيهم وبهذه الأسباب التي سوف نذكرها في هذه الخطبة، قال تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} إنهم كثر {وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً} [الإسراء:17] الله جل وعلا لا تخفى عليه خافية، ولا يحابي أحداً على أحد، وهو العدل الذي إن أهلك أمة بسبب فإنه يهلك الأمم جميعاً بهذا السبب، وهذه هي مقتضى حكمته جل وعلا.