ثم اسمع -يا عبد الله- إلى سورة لو قُرِئت في بيت فر الشيطان منه، بل إذا سمع هذه السورة تتلى لا يقترب من البيت ويخاف ويفر، أتعرف ما هي هذه السورة؟ إنها سورة البقرة، سورة وأي سورة! يقول عليه الصلاة والسلام عن هذه السورة: (اقرءوا البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة) أكبر السحرة وأكبر الشياطين لا يقدرون عليها، بل أن بعض من قرئ عليه البقرة كان يحترق الشياطين والجن الذين فيهم، ويراهم الممسوس يحترقون، لأن البقرة قرئت عليهم.
سورة وأي سورة! سوف أتلو عليك من أعظم آياتها، فاسمع وتدبر حفظك الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:1 - 2] من هم المتقون؟ {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:3] يؤمن بالجنة، ويؤمن بالنار، ويؤمن بأن هناك يوماً للحشر، يحشر الله فيه الأولين والآخرين، والإنس والجن، يؤمن بعذاب القبر، ويؤمن بأهوال يوم القيامة: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [البقرة:3].
اسمع وانتبه، الذي لا يقيم الصلاة لا تنفعه هذه الآيات، والذي لا يقيم الصلاة لن يبرأ إلا بعد أن يقيمها، إلا إذا شاء الله جل وعلا.
فتش في صلاتك وابحث، هل أنت من الخاشعين فيها، المحافظين على أوقاتها، المتدبرين للآيات التي تقرأ فيها، الذي يحفظ أركانها وواجباتها، أم أنت من الناس الذين ينقرونها نقراً، ولا يعرف الفجر إلا بعد طلوع الشمس، ولا العصر إلا بعد أن تغرب الشمس: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة:3 - 5].