التسويف وطول الأمل

لا تقل آخر مرة أفعل هذه المعصية، وما يدريك لعلها اللحظة الأخيرة، لعل ملك الموت ينتظر الآن، أول ما تقرب عند هذه المعصية يهجم عليك، هذا الرجل كان صالحاً، وكان مع الصالحين، وكان يحضر مثل هذه المجالس، غرته الدنيا، وسول له الشيطان، فإذا به يترك الصالحين إلى قوم فجرة فسقة، مرت الأيام ودارت، ولا زال يحافظ على الصلاة ولكن يفعل بعض المعاصي، قال له الفجرة الفسقة: نريد أن نسافر إلى بلاد كذا وكذا، قال: أعوذ بالله، قالوا: تمتع معنا، قال: معاذ الله، فصمموا عليه فأجابهم، وسافر معهم إلى بلاد الخنا والزنا، جلس معهم في الغرفة، كل ليلة يذهبون إلى المعاصي ولا يذهب معهم، يخاف الله، لا زال فيه شيء من الإيمان، كل ليلة يحاولون به ولكن لا فائدة، الرجل لا زال متمسكاً بشيء من دينه، جاءوا إليه بعاهرة داعرة، قالوا: لا بد أن ندخله معنا فيما نحن فيه، فإذا بهم يفتحون عليه الباب وكان لوحده في الليل، وأدخلوا عليه العاهرة، وأقفلوا عليه الباب، فلا زالت تراوده ويردها، وتحاول به فيصدها، ولا زالت به حتى وقع عليها، فلما وقع عليها قبض الله روحه {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم:44 - 45].

لعلك تقوم لصلاة الفجر، ثم ترجع وتنام، لكنها النومة الأخيرة، فكيف تلقى الله جل وعلا؟ تركت الصلاة، نمت عن صلاة الفجر يا عبد الله، لعلك تقول: هي آخر مرة سوف أكلمها وأجلس وأختلي معها، ثم أتوب إلى الله جل وعلا، يختلي فإذا به يفارق الدنيا، سافر لأول مرة في حياته، ليفعل الزنا في بلاد يظن أنه لن يراه بها أحد، دخل إلى الغرفة، أغلق الباب مع مومسة فاجرة، كان يعاشرها بالحرام، فإذا بالفندق يحترق، وإذا به لا يكتشف إلا في نهاية الأمر أن الفندق يحترق، فتح الباب ليهرب لكن القدر والأجل كان أقرب، جثة متفحمة، رأيت خاتمته يا عبد الله، لا تقل: المرة الأخيرة، ولا تقل: إن شاء الله هذه آخر مرة، انتبه يا عبد الله: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران:135] بشرط {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:135].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015