عبد الله! اسمع إلى هذه القصة الغريبة والنبأ العجيب: إنه شاب كان مغرماً بالأغاني والطرب، يحب مغنية حباً شديداً، حتى أولع بها، وكان له جار شيخ يعظه كل فترة، وينصحه في الله ويذكره، يقول الشيخ: وكان يبكي، ولكنه سرعان ما يعود إلى ماضيه ومعاصيه، قال: فظل على هذه الحالة فترة طويلة، انظر كيف إذا أراد الله أن يهدي إنساناً، كيف يسخر له أسباب الهداية، وفي يوم من الأيام نصحته فأطال في البكاء، وذكرته ووعظته فإذا به يزيد في البكاء، وعاهدني أن يتوب إلى الله، فجئته في اليوم الآخر فإذا به يأتي بأشرطة الأغاني أشرطة تلك الممثلة، فقال لي: يا فلان! خذ هذه الأشرطة وأحرقها، قلت له: ما الخبر؟ ما الذي جرى؟ قال: عندما نصحتني وذهبت إلى البيت، أخذت أفكر في كلامك، حتى نمت في الليل، ورأيت في المنام أنني كنت على شاطئ البحر، فإذا برجل يأتي ويقول: يا فلان! فقلت له: ما شأنك؟ فقال لي: أتعرف فلانة المطربة؟ قلت: نعم.
قال: أتحبها؟ قلت: نعم أعشقها، قال: اذهب فإنها في المكان الفلاني، يقول: فركضت ركضاً سريعاً إلى تلك المطربة، فإذا برجل يأخذ بيدي، فالتفت فإذا برجل وسيم، وجهه كالقمر، وإذا به يقرأ عليَّ قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:22] وإذا به يردد الآية بترتيل، يقول: وأنا أرددها وأرتل معه، حتى استيقظت من نومي، فإذا بي أبكي وأردد هذه الآية بترتيل: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:22] يقول: أرددها وأبكي، حتى دخلت أمي عليَّ ونظرت إلى حالي، فأخذت تبكي معي، وهي تبكي، وأنا أبكي معها وأنا أردد هذه الآية: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:22].
يا معشر العاصين جود واسع عند الإله لمن يتوب ويندما
يأ يها العبد المسيء إلى متى تفني زمانك في عسى ولربما
بادر إلى مولاك يا من عمره قد ضاع في عصيانه وتصرما
واسأله توفيقاً وعفواً ثم قل يا رب بصرني وزل عني العمى
يقول عليه الصلاة والسلام: (لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم).
انظر إلى رحمة الله وإلى سعتها!