يحرم الحاج بقوله: لبيك اللهم لبيك أي: إجابة لك -يا رب- بعد إجابة، إذ دعانا خليلك صلى الله عليه وسلم، وإذ أذن فينا بالحج، فأتيناه رجالاً وعلى كل ضامر، أتيناه من كل فج عميق، أتينا يا ربي سامعين لك وملبين لنداء خليلك صلى الله عليه وسلم، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، الناس غير مبتغين وجهاً غير وجهك يا ربنا! لبيك لا شريك لك، كلمة التوحيد: لبيك اللهم لبيك، سمعاً وطاعة لك -يا رب- إذ ناديتنا، ثم بعد ذلك السمع والطاعة لرسول الله إذ الله أمرنا بطاعة رسوله محمد.
لبيك لا شريك لك لبيك، سمعاً وطاعة لك يا ربنا! ثم سمعاً وطاعة لنبيك إبراهيم عليه السلام، ثم سمعاً وطاعة -يا ربنا- لنبيك محمد، لا شريك لك، لا نبي يشاركك، ولا ولي يشاركك في ملكك يا ربنا! أنت وحدك لا شريك لك، لبيك لا شريك لك لبيك، فلذلك لا نقول للسيد البدوي بعد موته: لبيك يا سيد يا بدوي أبداً، ولا نقول أبداً: لبيك يا حسن ويا حسين، بعد موتهم، ولا لأي شخص كائناً من كان بعد أن مات، ولا نهل له بالحج أبداً، حتى الذين يزورون قبور الذين يزعمون أنهم أولياء لله، ويطوفون بها، عند حجهم لا يهلون لهم كما قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:67] فالذي يزور السيد البدوي ويتبرك به، في حجه لا يقول أبداً: لبيك يا سيد يا بدوي، لا يقول ذلك أبداً بحال من الأحوال، وقد ورد في حديث في إسناده كلام، أن النبي قال لوالد عمران بن حصين لما جاء يسلم: (كم تعبد من إله يا عمران؟ قال: سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء، فقال: من الذي تعد لرغبتك ولرهبتك؟ قال: الذي أعده لرغبتي ورهبتي الذي في السماء) فمن هنا ألزمه رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يسلم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلم مناسك التوحيد: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) ختمت التلبية أيضاً بلا شريك لك؛ لتأكيد التوحيد، وللتأكيد على كلمة التوحيد لأنها معقد الإسلام، وبها ينجو الشخص من الخلود في النار، وبها يحاجج لك رسولك محمد صلى الله عليه وسلم عند ربك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي طالب: (يا عمي! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله عز وجل) أي: بها تنال شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عليه الصلاة والسلام لما سُئل من أحق الناس وأولى الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: (من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه).
فأكثروا من قولها -يا عباد الله- حتى تكون سبباً في نجاتكم يوم القيامة، وتنالون بها رفعة الدرجات، فهي أعلى شعب الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) بين ذلك أعمال وأذكار وطاعات، وأعظم شعب الإيمان كلها قول: لا إله إلا الله، فأكثروا منها، فهي خير ما قاله النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وخير ما قاله النبيون من قبله.