وذكر الله أيضاً مكفر للخطايا، قال عليه الصلاة والسلام: (من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر) وفي رواية (ولم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثلما قال أو زاد عليه).
وانظر إلى أصحاب الرسول لما أتوا إليه صلوات الله وسلامه عليه فقالوا: (يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، وبالدرجات العلا، وبالنعيم المقيم.
قال: وكيف ذلك؟ قالوا: يا رسول الله يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل مال يتصدقون به، قال عليه الصلاة والسلام: أَوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه أدركتم به من قبلكم! وسبقتم من بعدكم! ولم يأت أحد بمثل ما جئتم به، قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين) وقال عليه الصلاة والسلام: (معقبات لا يخيب قائلهن: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تكبيرة دبر كل صلاة).
فللذكر فضل عميم وثواب جزيل وهذا الذي ذكرناه طرف من هذا الفضل.
والذكر به يرطب اللسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل) فاللسان يترطب بالذكر، والقلب يهدأ بالذكر، والجسم يصح بالذكر.
جرب وواظب على قراءة الأذكار، وقراءة (قل هو الله أحد)، و (قل أعوذ برب الناس) و (قل أعوذ بربك الفلق)، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم عند الغضب؛ ستجد أن الذكر راحة للبدن، راحة للفؤاد، راحة للسان، ذكر الله يجنبك اغتياب المسلمين والمسلمات، فإذا أتعبت عضلة اللسان في الذكر، كلت عن المعاصي، وكلت عن القيل والقال، ونظرت إلى المغتاب الذي يغتاب الناس أمامك واحتقرته، بل وأشفقت عليه لجهله وغفلته عن ذكر الله.
جرب وأقبل على الذكر وانظر إلى الناس من حولك كل يخوض في القيل والقال، فوالله إنك ستشفق عليهم وترثي لحالهم، اشتغال بكل ما يغضب الله عز وجل، من تجريح واغتياب المسلمين والمسلمات، فهم في ضياع وإبطال وأنت في بناء وتشييد، أنت تذكر الله فتشيد لنفسك القصور، وتدخر لنفسك الكنوز، وهم في القيل والقال المكروه والمحرم، فيهدمون بيوتاً قد شيدوها، ويدمرون أعمدة قد أسسوها، والموفق من وفقه الله سبحانه وتعالى.
ولذلك يحثنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بل ويحث أحد العلماء والفضلاء، وأعلم الناس بالحلال والحرام، وهو معاذ بن جبل فيقول له: (والله يا معاذ إني أحبك) يقسم له الرسول على ذلك، ثم الوصية تأتي من حبيب لحبيبه فيقول له: (يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
والذكر سبب في بركة الرزق، لما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جابر كي يقضي عنه ديون أبيه، وكان لديه ثمار بستانٍ له لكنها لا تبلغ عشر الدين قال لهم: (اقبلوا ما عنده، قالوا: ما نقبل إلا حقنا وافياً.
فلما كان الغد دخل عليه الصلاة والسلام ودعا وبرك، فقضى جابر كل الديون التي عليه، وبقي الثمر كأن شيئاً لم يؤخذ منه).
كذلك أم سليم تأتي بطعام في برمة، فجاء الرسول بمن معه من المسجد -ما يقارب الثمانين رجلاً- دخلوا والبرمة لا تكفي خمسة منهم، فدخل الرسول وبرك ودعا، فهذا الدعاء وهذا الذكر لله سبحانه وتعالى كان سبباً في تكثير الطعام، ومن ثم حث الرسول على الذكر عند بداية الأكل، فإذا سميت الله بورك لك في الرزق، وبورك لك في الولد، وبورك لك في الأكل، وإذا شاركك الشيطان في مطعمك، وشاركك الشيطان في ولدك، وشاركك الشيطان في بيتك، وشاركك الشيطان في جماعك؛ محقت بركة ذلك كله، فذكر الله يدفع عنك كل هذا الوباء والعياذ بالله.