قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].
تمالأ أهل الشرك في تلك الليلة على الفتك برسول الله عليه الصلاة والسلام واتفقوا على ذلك، فكان أن علياً نام في فراش رسول الله عليه الصلاة والسلام في تلك الليلة، ثم إن النبي خرج مع أبي بكر رضي الله عنه، وصلاة الله وسلامه على النبي الأمين، وجاء المشركون أمام بيت الرسول صلى الله عليه وسلم يرقبونه طول الليل، وعلي يتصنع لهم ويتقلب في الفراش، يوهمهم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما النبي فخرج مع أبي بكر حتى بلغا غار ثورٍ، فباتا فيه ثلاثة أيام، وكان يرعى عليهما غلام لـ أبي بكر، فيأتيهما في الليل بالغنم يسقيهما من ألبانها، وكان محمد بن أبي بكر رضي الله عنه يتفقد أحوال القوم بمكة وينقل أخبارهم إلى رسول الله، أما أسماء -ذات النطاقين- فكانت تربط الطعام بجزء من نطاقها ولذلك سميت ذات النطاقين، وتجهز للرسول ولـ أبي بكر سفرة الطعام وترسلها إليهم.
فأصبح الصباح ودخل أهل الشرك على علي وهو نائم للفتك به ظناً أنه رسول الله، فإذا به علي، فسُقط في أيديهم: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].
أما رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبو بكر رضي الله عنه، فاستأجرا رجلاً كافراً هادياً خريتاً عارفاً بالطرق، فجاءهما هذا الرجل وانطلق بهما في طريق الساحل متجهاً إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورصد المشركون الجوائز لمن يأتي برأس رسول الله وأبي بكر حياً أو ميتاً، وجعلوا مائة من الإبل لمن أتى بالرسول، ومائة أخرى لمن أتى بـ أبي بكر، ثم ضاعفوا الأعطيات لمن أتى بهما.