تحريم النظر إلى ما حرم الله وعواقبه

فلا تتصور وأنت تنظر إلى المحرم أن هذه النظرة ستريح قلبك؛ بل ستدمره، وستفتك به أيما فتك، قد يزينها لك الشيطان، فتنظر راجياً الراحة بنظرة محرمة، والأمر على العكس مما تصورت وتوهمت، فالنظرة المحرمة تفتك بقلبك، وتعصف به، وتدمره.

فيا عباد الله! أيها المؤمنون! أيتها المؤمنات! هذا أمر الله لنا جميعا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30]، أيها المؤمنون! قال الله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53]، لماذا السؤال؟ حتى لا ترى ببصرك وجه امرأةٍ وجسم امرأة فتفتن به: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:53]، وقال تعالى أيضاً: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:31]، ولماذا قُدّم الأمر بغض البصر على الأمر بحفظ الفرج مع أن حفظ الفرج أعظم من غض البصر؟ قال العلماء: لأن البصر بريد للزنا -والعياذ بالله- فجدير بكل مسلم أن يمتثل أمر ربه، وقد قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النور:31]، توبوا إلى الله من هذا الذنب الذي لا يكاد أن يفارقه أحد.

معشر الإخوة! ما زلتم في الأشهر الحرم لم تنقض ولم تنصرم، وإن كاد ذو الحجة أن ينقضي، فأنتم على مشارف شهر الله المحرم، الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)، فوطنوا أنفسكم، بالإكثار من الصوم في هذا الشهر الكريم، ولا تستصغروا أوامر ربكم، فإن ربكم سبحانه وتعالى يجازيكم على عملكم خير الجزاء، يأتي لكم بالموسم تلو الموسم حتى تغنموا الخيرات، وحتى تخرجوا من دنياكم بسلامٍ وأمان، سالمين آمنين مطمئنين، حتى لا تتخذوا حياتكم ودينكم لعباً ولهواً، تأتيكم مواسم الخير وكي يغتنمها العقلاء كي يغتنمها الفضلاء، موسم بعد موسم، فيوافوا ربهم سبحانه وتعالى بأعمال بر وأعمال خير، تكون سبباً في نجاتهم وفي مرورهم على الصراط آمنين إلى جنات النعيم.

فأنتم على مشارف شهر الله المحرم فاغتنموه بالصيام وبأعمال البر فيه، ويا عباد الله! كما أن الأعوام تنقضي فالدنيا ستنقضي كذلك، فأكثروا من عمل الخيرات وتزودوا بخير زاد، وهو زاد التقوى، وسلوا الله سبحانه وتعالى أن يرحمكم وأن يسددكم، فالمسدد من سدده الله، وسلوا الله دائماً أن يثبت قلوبكم على الإيمان، فالمثبت من ثبته الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015