قال سبحانه: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] في هذا رد على ابن حزم الذي زعم أنه يجوز للرجل أن يضحي بديك، وورد أثر ضعيف الإسناد عن بلال رضي الله عنه وهو الذي ركب عليه قول العامة: مؤذنٌ ضَحَّى بمؤذنٍ.
وهذا لا يثبت عن بلال رضي الله تعالى عنه.
قال الله سبحانه: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:28] والأنعام ثمانية قال الله سبحانه: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر:6] وقال سبحانه في الآية الأخرى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام:143] {وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام:144] الآيات.
فعلى ذلك يؤخذ أيضاً كما قدمنا أنه يجوز لك أن تضحي بالأنثى، لأنها داخلة في الأنعام، وسيأتي مزيد لذلك في باب الأضحية قريباً إن شاء الله.
{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] أخذ العلماء من هذه الآية استحباب الأكل من الأضحية استحباب الأكل من دم التمتع أو من الهدي بصفة عامة؛ لأن الله قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] وثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام لما نحر هديه وكانت مائة من الإبل، أمر بقطعة من كل واحدة منها فوضعها في قدر وأكل منها الرسول عليه الصلاة والسلام وشرب من مرقها، فهذه السنة وهذه الآية فيها دليل على استحباب الأكل من الهدي.
والذي يضع ماله في بنك كبنك الراجحي وغيره من البنوك، هو من باب التوكيل في الذبح وذلك جائز، لأن النبي عليه الصلاة والسلام نحر ثلاثاً وستين، وأعطى علياً فنحر الباقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالتوكيل في الهدي جائز، لكن الأفضل أن تذبح أنت بيديك إن استطعت وكنت تعرف، فإن النبي كان ينحر بيديه صلى الله عليه وسلم، ويستحب لك أن تأكل منها كذلك، فقد أكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن إن لم تستطع فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج:29] قضاء التفث المراد به: إزالة الأوساخ التي علقت بالبدن، ويدخل فيه قص الأظفار وحلق الشعر ونتف الأبط وحلق العانة ونحو ذلك.
{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج:29] أي: التي كانوا قد نذروها من قبل، فمنهم من نذر أن يحج، ومنهم من نذر أن يذبح، ومنهم من نذر أن يطوف، ومنهم من نذر أن يصلي في الحرم، ومنهم من نذر أن يصلي أي صلاة كانت هناك ما دامت مباحة.
{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29] والعتيق هو القديم.
كما قال ابن مسعود في بعض السور الطوال: إنهن من العتاق الأول، إنهن من تلادي، أي: من قديم حفظي.