تجتمع في هذه الأيام جملةٌ من الفضائل: فهي الأيام المعلومات كما ذكر ربنا سبحانه، وهي داخلةٌ في الأشهر الحرم، إذ هي من ذي الحجة، وذو الحجة من الأشهر الحرم، وكذلك فهي تحوي أفضل يوم في العام، وهو يوم عرفة، وكذلك تحوي يوم النحر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله سبحانه وتعالى من هذه العشر -أي: عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا أن يخرج أحدكم -أي: إلى الجهاد- بنفسه وماله ثم لا يرجع من ذلك بشيء)، أما من خرج ورجع بنفسه وماله فالعمل الصالح أفضل من الجهاد، بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وما هو العمل الصالح الذي هو أفضل شيء في هذه الأيام؟ فمن أهل العلم من خص العمل الصالح بالذكر، فقال: المراد بالعمل الصالح ذكر الله عز وجل؛ وذلك لأن العمل الصالح أفضل من الجهاد، والجهاد من الأعمال الصالحة، فلو أطلقنا العمل الصالح لدخل فيه الجهاد، ولكن أريد به هنا صورة مخصوصة، ألا وهي الذكر، وقد وضحت هذه الصورة أفعال صحابة النبي الأمين عليهم رضوان الله، لقد أخرج البخاري معلقاً: أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق في هذه الأيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، أخرج البخاري معلقاً عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما: (أنهما كانا يخرجان في هذه الأيام العشر إلى السوق يذكران الله عز وجل ويكبران، فيكبر الناس بتكبيرهما).