وقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:186]، لماذا أدخلت هذه الآية في ثنايا آيات الصيام؟ قال كثير من أهل العلم: أدخلت هذه الآية بين آيات الصيام؛ لبيان أنه يستحب للصائم أن يكثر من الدعاء، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم)، فذكر منهم: (الصائم حتى يفطر)، وليس حين يفطر فقط، إنما حتى يفطر، فطول اليوم وأنت صائم، لك دعوة مستجابة.
قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:186]، عن أي شأن من شئون ربنا سبحانه سأل العباد نبيهم محمداً صلى الله عليه وسلم؟ هل سألوه عن رحمة الله؟ هل سألوه عن عفو الله؟ عن انتقام الله؟ عن صفات الله؟ كل ذلك ليس المراد هنا، إنما سألوه عن القرب والبعد، قالوا: أقريب ربنا فنناجيه يا رسول الله أم بعيد فنناديه؟! فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:186]، فدليله أنهم لم يسألوه عن شيء في هذا الباب إلا عن القرب والبعد، فحذفت كلمة: (قل) فلم يقل الله: (فقل لهم: إني قريب) بل قال: {فَإِنِّي قَرِيبٌ}؛ للدلالة على القرب كذلك من ناحية النظم القرآني.