قال تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:184]، أن: هنا مصدرية، فالمعنى: وصيامكم خيرٌ لكم، فهنا ينبغي أن تفهم: خير لكم من ماذا؟ لأن البعض يحملها على أنها خيرٌ لكم من الإفطار في السفر، أو خيرٌ لكم من الإفطار في المرض، وهذا محملٌ ضعيف، إنما قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أي: خير لكم من الفطر والإطعام.
قد كان الأمر أول فرض الصيام: إما أن تصوم وإما أن تفطر وتطعم، سواء كنت مسافراً أو مريضاً أو لم تكن، كان للجميع هذا الترخيص.
فقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، فيه دليل على أن أعمال البر تتفاضل، وهناك فاضل، وهناك ما هو أفضل من هذا الفاضل، وهناك مفضول.