يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] أتموا الحج والعمرة لله إذا بدأتم فيهما، فأتموهما ولا تنقضوهما، هذا قول من الأقوال، وهكذا كل عبادة إذا شرعت فيها لا ينبغي لك أن تنقضها وأن تتركها، بل كما قال ربنا: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:33]، اللهم إلا إذا جاءت بعض النصوص في بعض المسائل المستثناة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، فيرى الكثير من العلماء: أنه يستحب لك أن تخرج من صلاة النافلة وأن تدخل في صلاة الفريضة لهذا الحديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، ولقول الله تعالى في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه).
وإن كان البعض من أهل العلم يستدلون بالآية الكريمة: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:33] على مشروعية الإتمام والتجوز فيه، والأمر في ذلك غريب! لأن هذا من المسائل التي فيها نص، أما التي ليس فيها نص فإذا شرعت في عبادة فلتتم عبادتك، هذا هو الأصوب والأقرب.
فمن الأقوال في تأويل قوله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] إذا شرعتم فيهما فأتموهما.
وهناك قول آخر: حجوا واعتمروا لله لا لأحد غير الله سبحانه وتعالى، لا تجعلوا مع الله شريكاً في الحج، ولا تبتغوا بذلك رياءً وسمعة عند الناس، فإن من شعائر الحج: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، فلا تستهل الحج بلفظ هو صواب غاية الصواب بقلب بعيد عن هذا اللفظ، قلب رجل مراء -والعياذ بالله تعالى-، فقوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] أي: لا تشركوا مع الله أحداً في تلبيتكم لله سبحانه، وكما لا يخفى عليكم أن أهل الشرك كانوا يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ثم يقولون: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذا قال أهل الشرك: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، يوقفهم صلوات الله وسلامه عليه عند هذا القدر، ولكنهم يأبون عليه، ويستمرون في جعل الشريك لله سبحانه وتعالى.
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] وثمة أقوال أخر، منها: أن تحرم من دويرة أهلك، وقيل غير ذلك، وهذا ليس محلها.