الحكمة من اختلاف الليل والنهار

قال الله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان:62] هذا يخلف هذا، لماذا؟ قال تعالى: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} [الفرقان:62] لمن أراد أن يتعظ ويعتبر وينظر إلى قدرة الله سبحانه، وينظر إلى نهاية كل شيء، فالليل ينتهي، والنهار ينتهي، والدنيا تنتهي، و {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:26 - 27].

قال تعالى: {أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62] أو أراد أن يقدم شكراً لله على ما أولاه الله من نعم، فمن فاته حزبه من الليل، ومن فاته ورده من الليل الذي كان يذكر فيه الرب، فليستدركه بالنهار، (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته حزبه من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) صلوات الله وسلامه عليه.

فمن أراد أن يقدم شكراً لله وكان يقدمه بالليل في صلوات أو أفعال بر، وفاته ذلك لعارضٍ فليقدمه بالنهار، ومَن كان يفعل شيئاً من ذلك في النهار وفاته هذا الصنيع فهاهو الليل لمن أراد شكوراً، هاهو الليل يأتي بما فيه من نجوم وزيناتٍ في السماوات، وفيه انتشارٍ الوحوش والحشرات، كل ذلك يدعو إلى التدبر، كل ذلك يدعو إلى التأمل.

تأمل قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص:71 - 73].

وهذا التفكر ينبغي أن يلازم أهل الإيمان، ثم يلزمهم أيضاً للوصول إلى أعالي الجنان أن يتصفوا بهذه الصفات التي ذكرها الله في كتابه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015