أما موقفهم من السنة فهم بعيدون غاية البعد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جملة أحاديث نقلها عنه أصحابه رضي الله عنهم، نقلها الصديق أبو بكر، ونقلها أمير المؤمنين الفاروق عمر، ونقلها ذو النورين عثمان بن عفان، ونقلها أبو هريرة، ونقلتها عائشة، ونقلها غير هؤلاء من أفاضل الصحابة كـ ابن عمرو وابن عمر وغيرهم، وهم يكفرون هؤلاء الصحابة، إذا جئت تقول لهم: قال أبو هريرة يقولون: أبو هريرة كافر لا نقبل حديثه، فيردون سنة رسول الله من هذا المنطلق، إذا جئتهم بحديث يقول لك قائلهم: من الذي رواه؟ تقول له: أبو بكر ذلك الصديق الذي قال الله فيه: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40]، فالله أثبت في كتابه أن أبا بكر صاحب للنبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون: هو كذاب كافر مختلس للخلافة على أمير المؤمنين، هذا موقفهم من سنة رسول الله.
فإذا كان هذا هو موقفهم من الصحابة، فهذا تدمير لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعها؛ لأن الصحابة هم الذين نقلوا لنا سنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليس هذا فحسب بل هم الذين نقلوا لنا القرآن، هم الذين جمعوا القرآن من الرقاق ومن الصحف ومن الجلود فأثبتوه ورسموه على هذا النحو الميسر، الذي قال الله فيه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] فإن طعنوا في أصحاب رسول الله فقد طعنوا في كتاب الله، وطعنوا في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم لما طعنوا في سنة رسول الله، بدءوا في افتراء أحاديث على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتقولوا أقاويل تؤيد باطلهم، مثل حديث: (أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى) فيقولون: إن أهل البيت كالسفينة لابد أن تركبها وإلا فإنك ستهلك، ويفترون على رسول الله عليه الصلاة والسلام الكذب ويقولون: (لما خلق الله الجنة ماتت ميتة فأنشأ الله لها الحسن في ركن والحسين في ركن فثبتاها) ويقولون: قال رسول الله: (خلقت أنا وعلي بن أبي طالب وزكريا ويحيى من طينة واحدة وعجينة واحدة)، ويقولون عن علي بن أبي طالب: (أنا الصديق من أبى فقد كفر)، ويفترون عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في علي: (علي خير البشر من أبى فقد كفر) أي: من حاول تفضيل أبا بكر أو عمر على علي بن أبي طالب فقد كفر عندهم، وخرج من دين الإسلام.
هذا هو موقفهم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولله الحمد أن كتبهم غير مسندة، وليست متصلة الأسانيد إلى رسول الله، إنما يقول قائلهم: بلغنا عن أجدادنا، بلغنا عن آبائنا، من الذي أبلغهم؟ الله أعلم، لم يذكر، فهي كلها أكاذيب، وكلها بلاغات لا تثبت بحال عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.