فاستعدوا أيها الأحباب للقاء الله جل وعلا، ولكن لست مقنطاً ولست مثبطاً، وإنما فلتفرحوا برحمة الله لكل من قال: لا إله إلا الله، أبشروا بسعة رحمة الله لكل موحدٍ أعلن التوحيد لله، يقول رب العزة: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].
ويقول ربنا في الحديث القدسي الجليل: (إني والإنس والجن لفي نبأٍ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليَّ صاعد، أتحبب إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أحوج شيءٍ إلي، أهل ذكري هم أهل مجالستي، فمن أراد أن يجالسني فليذكرني، وأهل طاعتي هم أهل محبتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، فإن تابوا إليَّ فأنا حبيبهم، وإن أقبل واحدٌ منهم إليَّ تائباً تلقيته من بعيد، وإن أعرض عني واحد منهم عاصياً ناديته من قريب قائلاً له: إلى أين تذهب؟ ألك ربٌ غيري؟ الحسنة عندي بعشر أمثالها وأزيد، والسيئة عندي بمثلها وقد أعفو، وعزتي وجلالي وإن استغفروني غفرتها لهم).
قال إبليس لرب العزة: (وعزتك وجلالك لأضلنهم ما دامت أرواحهم في أبدانهم، فقال أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين لإبليس: وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ما داموا يستغفرونني) فتوبوا إلى الله أيها الأحباب، وارجعوا إلى الله، من كان لا يصلي فليصل، من كانت سافرة متبرجة أو لبست حجاب الفتنة وحجاب التبرج فلتتقي الله ربها، ولترجع إلى الله عز وجل، من كان يحارب الإسلام فليتب إلى الله، من عادى العلماء ومن عادى الدعاة فليتق الله، وليعلم أنه موقوفٌ بين يدي الله جل وعلا، ومن جلس بيننا واندس بيننا ليثير بيننا الفتنة نسأل الله عز وجل له أن يشرح صدره، وأن يأخذ بيديه من الظلمات إلى النور.