{إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:6] وصدق الله إذ يقول: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} [القيامة:26 - 30].
بسم الله الرحمن الرحيم {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ * فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة:81 - 96].
أيا من يدعي الفهم إلى كم يا أخا الوهم تعب الذنب والذم وتخطي الخطأ الجم
أما بان لك العيب أما أنذرك الشيب وما في نصحه ريب ولا سمعك قد صم
أما نادى بك الموت أما أسمعك الصوت أما تخشى من الفوت فتحتاط وتهتم
فكم تسدر في السهو وتختال من الزهو وتنصب إلى اللهو كأن الموت ما عم
كأني بك تنحط إلى اللحد وتنغط وقد أسلمك الرهط إلى أضيق من سم
هناك الجسم ممدود ليستأكله الدود إلى أن ينخر العود ويمسي العظم قد رم
فزود نفسك الخير ودع ما يعقب الضير وهيئ مركب السير وخف من لجة اليم
بذا أوصيك يا صاح وقد بحتت كمن باح فطوبى لفتى راح بآداب محمد يأتم
كل باكٍ فسيبكى كل ناعٍ فسينعى
وكل مذكورٍ سينسى وكل مذخورٍ سيفنى
ليس غير الله يبقى من علا فالله أعلى
يا ظالم حاكماً كنت أو محكوماً، يا فاسق! يا فاجر! يا من حاربت الله! يا من بارزت شرع الله! يا من استعبت اللحية بأنها عفن! ويا من اتهمت النقاب بأنه رجعية وتخلف! ستموت والله ستموت، والله لو دام الكرسي لغيرك ما وصلَ إليك، والله لو دامت الدنيا لغيرك ما وصلت إليك، والله ستلقى الله يوماً؛ فأعد للسؤال جواباً، أعد للعرض على محكمة الله بياناً، ثم ماذا؟ يقول الملك: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار، لا ملك اليوم إلا لله، ولا ملك قبل ذلك اليوم إلا لله، فالملك في الدنيا وفي الآخرة لصاحب الملك، الملك اليوم لله الواحد القهار.
ثم ماذا عن قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [مريم:39]؟ مات الجميع، بعد ذلك يأتي الأمر من الله جل وعلا إلى إسرافيل أن يحيى، وأن يحيى ميكائيل، وجبريل، وملك الموت، وحملة العرش، يحيي الله هذه الملائكة، ويقبض الله جل وعلا الأرواح، وأرواح المؤمنين لها ضياء، وأرواح الكافرين والمشركين لها ظلمة، ويقبضها رب العزة بيمينه جل وعلا، ويقذفها رب العزة في الصور، ويأمر الله إسرافيل أن ينفخ فلما ينفخ إسرافيل في الصور تخرج الأرواح تملأ ما بين السماء والأرض لها دويٍ كدوي النحل، فيقول الحق جل وعلا: وعزتي وجلالي لترجعن كل روحٍ إلى جسدها، فتدخل الأرواح إلى الأجساد وتسري في الأجساد كما يسري السم في جسد اللديغ، وتبدأ الأجسام بالتكامل والبناء، وتنشق الأرض عن الناس، وأول من تنشق عنه الأرض سيد الناس، فيخرج الناس من القبور حفاةً عراةً غرلاً.