مع هذا التقدم العلمي والمادي الذي يأخذ العقول والألباب، نفخ كثير من شياطين الإنس في عقول كثيرٍ من البشر دعوة التمرد على منهج الله جل وعلا بحجة واهية سخيفة ألا وهي: أن في الانقياد لمنهج الله حجر على هذا العقل البشري المارد العملاق الذي استطاع أن يصل إلى ما وصل إليه في هذا القرن العشرين، إن هذا العقل الذي فجر الذرة، وغاص في أعماق البحار، وانطلق بعيداً في أجواء الفضاء، واخترع القنبلة النووية، وصنع الصاروخ والطائرة، بل ووصل إلى سطح القمر، إن هذا العقل ينبغي أن ينطلق ليقنن لنفسه وليشرع لنفسه، كما اختار لنفسه هذه التقنية العلمية في جانب الدنيا؛ لأن الانقياد لمنهج الله حجر على هذا العقل المارد العملاق، الذي وصل إلى ما وصل إليه.
دعوة متبجحة جريئة، بدأ يؤجج نارها ويشعل فتيلها كثير من العلمانيين لا في مصر وحدها، بل في كل أنحاء الدنيا، بحجة ما وصل إليه العقل البشري من تقنية وتقدم علمي مذهل.
أيها الأحباب الكرام! نحن المسلمين لا ننكر ما وصلت إليه البشرية من تقدم علمي، ولكننا على يقين جازم أيضاً أن الحياة البشرية لا تقف عند هذا الجانب المادي فحسب، ولا يمكن على الإطلاق لطائرٍ جبار عملاق أن يحلق في أجواء الفضاء بجناح واحد، ولو نجح في ذلك لفترة ولو طالت فإنه حتماً ساقط منكسر؛ لأن الحياة ليست كلها مادة، ولا تقف الحياة عند هذا الجانب المادي فحسب، ومن أراد يا شباب الصحوة أن يتعرف على هذه الحقيقة الكبرى فليراجع إحصائيات الجريمة بكل أشكالها وصورها وألوانها في هذا العالم المتحضر -زعموا- ليرى ما هي الحقيقة لهذا العقل البشري حينما تحدى نور الوحي الإلهي، وحينما تحدى منهج الله رب العالمين.