ثانياً: العرض الثاني من أعراض الهزيمة النفسية كما نرى: اليأس من إمكانية التغيير، ترى هذا العرض قد تمكن من غالب المسلمين، أصبحت ظاهرة أن تسمع الإرجاف في كل مكان، وأن تسمع نغمة اليأس القاتلة، لا فائدة، لن يستمع إليك أحد، أنت تؤذن في خرابة، أنت تنفخ في قربة مقطوعة، لن تغير الكون.
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رمادي
يا شيخ! لا تتعب نفسك، لا تتكلم.
وهذا إرجاف ويأس قاتل من إمكانية تغيير هذا الوضع؛ حتى أصبحت هذه الكلمات معتقداً لكثير من المهزومين نفسياً في مجتمعات المسلمين (لا فائدة) وقد شخص المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه النفسيات المهزومة تشخيصاً دقيقاً كما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكَهم، أو فهو أهلكُهم) بالضم والفتح، والضم أشهر كما قال النووي: (فهو أهلكُهم) أي: فهو أشد الناس هلاكاً، أو (فهو أهلكَهم) أي: هو الذي حكم عليهم بالهلاك وليسوا كذلك.
وقال النووي رحمه الله تعالى: (من قال ذلك على سبيل الازدراء والتحقير للناس مع إعجابه بنفسه فهذا مذموم، أما من قال ذلك لما يرى في نفسه وللمسلمين من تقصير فلا بأس بذلك" هذا تأصيل هام جداً، لا بد أن يفهم من خلاله حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلكَهم، أو فهو أهلكُهم) وترى هذه النغمة تتردد على ألسنة غالب المسلمين: أنه لا فائدة، واقبل سياسة الأمر الواقع، إسرائيل حقيقة واقعة ينبغي أن نتعامل معها على أنها أصبحت واقعاً لا مراء فيه، وينطلق المفاوض -زعموا- من هذه الهزيمة النفسية فيأخذ على أم رأسه النعال من أذل وأحقر وأنجس أمم الأرض من إخوان القردة والخنازير.