الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام، وسامحوني فلقد أفسدت عليكم هذه الجلسة الطيبة المباركة، فوالله لا أرى في نفسي أن أجلس في هذا المجلس خلفاً لشيخنا/ مبارك أبي إسحاق، أسأل الله عزوجل أن يحفظه، وأن يسدد رميته، وأن يفتح بينه وبين قومه بالحق، وأن يبارك فيه وفي ولده، وأن يجعلهم قرة عينٍ له في الدنيا والآخرة، وأن يحفظ دعاة الإسلام الصادقين، وأن يتقبل منا وإياكم جميعاً صالح الأعمال إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أيها الأحبة! هذا قدركم فاحمدوا الله على هذه المصيبة.
"مهلاً يا دعاة الهزيمة" موضوع خطير، وعنوان جميل، وليسمح الشيخ أن أنسج بنفس خيوطه، وأن أسير على ذات الدرب، والله أسأل أن يجعلنا وإياكم جميعاً من الصادقين.
أيها الأحبة: لقد هزمت الأمة ونكبت بنكبات كثيرة وخطيرة، ومع ذلك فإن أخطر هزيمة هزمت بها ونكبت بها الأمة هي الهزيمة النفسية؛ لأن الأمة كانت مع كل هزيمة من هذه الهزائم تملك كل مقومات النصر من إيمانٍ صادق، وثقة في الله عزوجل، واعتزاز بهذا الدين، أما اليوم فإن الأمة هزمت هزيمة نفسية نكراء في الوقت الذي فقدت فيه جلَّ مقومات النصر، ضعفت العقيدة -هذا مع حسن الظن- ضعفت الثقة في الله، ضعفت الثقة في نصر الله عزوجل، بل إن العقيدة الآن تذبح شر ذبحة على أيدي الكثيرين ممن ينتسبون إليها، كانت العقيدة بالأمس إذا مس جانبها سمعت الصديق يتوعد والفاروق يهدد ويأمر الصحابة، فيتحرك الجميع ويبذل من أجل العقيدة النفوس والمهج والأموال والأرواح، أما اليوم فإن العقيدة تذبح شر ذبحة؛ ففقدت الأمة جلَّ مقومات النصر مع هزيمة نفسية مدمرة؛ فوقعت في هذا الواقع المر الأليم الذي تحياه وهو معلوم للقاصي قبل الداني، وللصغير قبل الكبير.