إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! حقوق يجب أن تعرف، سلسلة منهجية تحدد الدواء من القرآن والسنة لهذا الداء العضال الذي استشرى في جسد الأمة، ألا وهو: داء الانفصام النكد بين المنهج المنير والواقع المرير، فأنا لا أعلم زماناً قد انحرفت فيه الأمة عن منهج ربها ونبيها كهذا الزمان، فأردت أن أذكر نفسي وأمتي من جديد بهذه الحقوق الكبيرة التي ضاعت! عسى أن تسمع الأمة مرة أخرى عن ربها ونبيها صلى الله عليه وسلم، وأن تردد مع السابقين الصادقين قولتهم الخالدة التي حكاها الله بقوله: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285].
ونحن اليوم على موعد مع اللقاء الخامس عشر من لقاءات هذه السلسلة الكريمة، وحديثنا اليوم في هذا الظرف العصيب، وفي هذا الوقت الحرج، عن حق عظيم جليل كبير ألا وهو: حق القدس.
فإن الداعي الصادق -أسأل الله أن نكون منهم- لا ينبغي أبداً أن يكون بموضوعاته وأطروحاته في وادٍ وأن تكون أمته الجريحة المسكينة بأحداثها المؤلمة المفجعة في وادٍ آخر، ومن ثمَّ فحديثنا هذا في سلسلة الحقوق هو عن حق القدس المبارك، وسوف ينتظم حديثي في هذا الموضوع الجريح النازف في العناصر المحددة التالية: أولاً: اليهود إخوان القردة والخنازير وزمرة الشيطان.
ثانياً: متى يفيق النائمون؟ ثالثاً: مقومات النصر.
وأخيراً: سيهزم اليهود.
فأعيروني القلوب والأسماع جيداً، والله أسأل أن يهزم اليهود، وأن ينصر المسلمين في فلسطين؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.