لن نحرر القدس بالمظاهرات الصاخبة، ولا بحرق الأعلام الأمريكية واليهودية، ولا بحرق الماكتات للزعماء، وإنما نحرر القدس بالعودة إلى دين الله وإلى منهج رسول الله، وبتحويل هذا المنهج الرباني والنبوي في بيوتنا وحياتنا إلى واقع.
ولو ظلت الأمة ألف سنة تشكو وتستنكر وتصرخ وتخطب خطباً رنانة فلن تغير من الواقع شيئاً.
لذلك أيها الأحبة! أناشد كل مسلم وكل مسلمة أن يبدءوا التصحيح، وما عليك أيها المسلم إلا أن تبذل أنت ودع النتائج إلى الله؛ فالله لا يعجل بعجلة أحد، ولو علم الله أن الأمة تستحق النصرة الآن على اليهود لنصرها، فالله لا يعجل بعجلة أحد، بل لابد أن تبذل الأمة أقصى ما في طوقها، كما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60]، فما بذلت الأمة شيئاً، وما أعدت الأمة شيئاً، فلابد أن تبذل أنت ولابد أن أبذل أنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه ابن سعد في الطبقات بسند صححه شيخنا الألباني: (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليغرسها) فلا تقل: قامت القيامة وهذه فسيلة متى ستنمو؟ ومتى ستثمر؟ ومن يأكل من ثمرها؟ ليس هذا من شأنك أنت، بل شأني وشأنك أن نغرس لدين الله، وأن نعمل لله جل وعلا، وأن ندع النتائج لله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105].
فلماذا لا تربي امرأتك وبناتك وأولادك الآن على عقيدة الولاء والبراء؟ ما زلنا إلى يومنا هذا نرى من المسلمين من يقضي الليل أمام مباراة كرة، واليهود يطحنون إخواننا في فلسطين! كانت الأمة تصرخ بحناجر ملتهبة للأهلي على رويال مدريد واليهود يطحنون إخواننا بالطائرات في فلسطين طحناً! ما زالت الأمة بعيدة ترقص وتغني، ومازالت الأسر المسلمة بعيدة عن العقيدة بجمالها وكمالها.
وقد ترى الوالد المسلم إذا رأى ولده ذكياً ألمعياً يقول: الولد هذا أكيد سوف يكون دكتوراً.
وإذا رأى الولد يكسر ويمسك المفك يقول: هذا الولد مهندس، إنما إذا طلع أعمى، إذا طلع أعرج يقول لك: يطلع شيخ وخلاص! وكأنه لا ينبغي أن نقدم لله إلا المتردية والنطيحة، حتى صار المثل الأعلى لولدي وولدك لاعب كرة، أو ممثلاً هابطاً ساقطاً، وأصبح الأمر كما قال الشاعر: وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها الذئاب فيا إخوة؛ ما أيسر التنظير وما أسهل الكلام! أسأل الله أن يرزقنا الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال، وأن يرد الأمة إلى الإيمان والجهاد رداً جميلاً؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.