حفاوة النبي صلى الله عليه وسلم بالشباب

أولاً: مكانة الشباب: أحبتي في الله! إن كان شيوخنا وآباؤنا عقول الأمة التي تخطط وتفكر، فإن شبابنا سواعد الأمة التي تبني وتعمر، ولا يكون أبداً لعقل أن يأتي مجرداً دون أن يمشي على قدمين، ودون أن يقوى بساعدين، فالأمة لا تستغني أبداً عن شبابها، وأمة تستغني عن شبابها أمة خاذلة، وأمة خاسرة مخذولة.

فلا غنى أبداً للشباب عن الشيوخ والآباء، ولا غنى أبداً للشيوخ والآباء عن الشباب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحفاوة بالشباب، فلقد أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في سن الأربعين وهو سن اكتمال الشباب، وكان أبو بكر رضي الله عنه في الثامنة والثلاثين من عمره في ريعان الشباب.

أما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكان في السابعة والعشرين من عمره في ريعان الشباب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كان في العاشرة من عمره، والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله والأرقم بن أبي الأرقم وخباب بن الأرت وعبد الله بن الزبير ومصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص وأسيد بن حضير هؤلاء وغير هؤلاء كانوا شباباً في ريعان الشباب، نصروا الدعوة من لحظاتها الأولى، وبذلوا عرقهم، بل وأرواحهم ودماءهم لنصرة هذا الدين.

فأول سفير يتحدث باسم الإسلام خارج أرض الإسلام كان شاباً في ريعان الشباب في العشرينات من عمره، استطاع هذا الشاب بلغة لم ولن تعرف الدبلوماسية المعاصرة لها مثيلاً على الإطلاق استطاع هذا الشاب المبارك بعرضه لقضية الإسلام أن يضيء للإسلام شمعة في أرض مظلمة، واستطاع أن يشق للإسلام نهراً للحياة وسط صخور صلدة قاسية عاتية، إنه جعفر بن أبي طالب حين تحدث بين يدي النجاشي في بلاد الحبشة.

وأول فدائي في الإسلام كان شاباً في الثالثة والعشرين من عمره حين نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم وقد قدم روحه رخيصة لنصرة هذا الدين وللذود والذب عن سيد النبيين وإمام المرسلين، إنه الشاب الذي اضطر يوماً لأن يفخر فقال: محمدٌ النبي أخي وصهري وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة ابن أمي وبنت محمد سكني وزوجي منوط لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي إنه أسد الله الغالب علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وأول داعية يتحرك للدعوة خارج أرض الإسلام، بل ويضع النبي صلى الله عليه وسلم بين يديه مصير الدعوة بأكمله كان شاباً في ريعان الشباب، إنه زهرة فتيان قريش، إنه لؤلؤة ندواتها، إنه غرة فتيانها، إنه قطب الرحى بين رجالها، إنه أعطر شبابها، إنه مصعب الخير مصعب بن عمير.

وهذا شاب آخر يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يسير لمناطحة الصخور الصماء في بلاد الروم لتأديب القبائل التي اعتدت على حدود الدولة الإسلامية، يوليه النبي قيادة الجيش المسلم، وتحت قيادته أكابر الصحابة كـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين، إنه الحب بن الحب أسامة بن زيد رضي الله عنه.

كانوا شباباً في ريعان الشباب، عرفوا الغاية التي من أجلها خلقوا، وعرفوا الوظيفة التي من أجلها ابتعثوا، وبذلوا أرواحهم رخيصة لنصرة هذا الدين.

لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحفاوة بالشباب، وشديد الحب للشباب، وشديد العناية بالشباب، فالشباب بلا نزاع هم مستقبل الأمة بإذن الله، الشباب هم أمل الأمة بعد الله تبارك وتعالى، فالشمس لا تملأ النهار في آخره كما تملأ النهار في وسطه وأوله، تلك هي مرحلة الشباب، ومرحلة الطاقة، ومرحلة الفتوة، ومرحلة العمل، ومرحلة الإرادة، ويجب على هذه الأمة أن تستغل شبابها، وأن توظف شبابها في وقت ذلت فيه الأمة وهانت لمن كتب الله عليهم الذل والذلة من إخوان القردة والخنازير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015