والسؤال المر: ما السبيل؟ وهذا هو عنصرنا الثاني.
النقطة الأولى: إقامة حد الردة على هؤلاء المرتدين، لكن نسأل الله أن يرزقنا مثل أبي بكر فمن لهذه الردة؟ الأمة الآن في حاجة إلى الصديق وإلى عمر وإلى خالد وإلى سعد وإلى طلحة وإلى عبد الرحمن، الأمة الآن في حاجة إلى الأطهار الأبرار الذين كانوا يبذلون المهج والأرواح والدماء؛ لنصرة عقيدة رب الأرض والسماء.
والله الذي لا إله إلا غيره لو طبق حد الردة على مرتد من هؤلاء ما رأيت مثل هذا الهراء، فأنا أدين لله بأن القوانين الوضعية العمياء كانت أخطر أسباب انتشار الردة في هذا الزمان، فالقانون الوضعي يعاقب بأشد العقوبات من وقع في الخيانة العظمى التي هي خيانة الوطن، ونحن لا ننكر أن من خان الوطن يجب أن يقام عليه حد الحرابة، ويرى فيه ولي الأمر المسلم ما يرى، لكن هذا القانون الوضعي الأعمى لا يعاقب من وقع في الخيانة الأعظم -وليست العظمى- ألا وهي خيانة الله ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27]، لا يعاقب القانون الوضعي الأعمى من خان الله ورسوله وارتد عن الإسلام، فيأتي العلمانيون ويقولون: هو حر، وله أن يختار من العقائد ما يريد، يكون مسلماً لمدة يومين ثم يكفر لمدة يومين، كما يريد! ويحتج علينا العلمانيون بقوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256]، نحن لا ننكر آية من آيات رب العالمين، ولا كلمة من كلام سيد النبيين، لكن (لا إكراه في الدين) بعد أن نبين حجة الله ودين الله لغير المسلمين على وجه الأرض، دون أن يحول أحد بيننا وبين دعوة الناس لدين الله، فإن عرضنا الإسلام عرضاً بيناً واضحاً على غير المسلمين، واستمع منا غير المسلمين، وأبوا أن يدخلوا في الإسلام حينئذ نقول: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256]، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29]، لكننا الآن أمام رجل مسلم دخل الإسلام طواعية واختياراً، ثم ارتد عن الإسلام علانية، هذا يزلزل قواعد المجتمع المسلم من أركانها، وهذا إن لم تأخذ الشريعة على يده دبت الفوضى في المسلمين، وتزلزلت القلوب المريضة من المنافقين الذين لا يخلو منهم زمان ولا مكان؛ لذا قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، وفي لفظ البخاري من حديث ابن عباس: (قال صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه)، فأنت أمام مسلم دخل الإسلام وارتد عنه، فهذا ينبغي أن يستتاب وإلا فعلى ولي الأمر المسلم أن يقيم عليه حد الردة بعد الاستتابة، فيقتله ويخلص المجتمع الإسلامي من شروره الخبيثة.