إن كل أحداث الواقع تتمخض وتتبلور لظهور الدين من جديد، إنه العلو الأخير لليهود، وبعده يأتي عباد لله جل وعلا، أسأل الله أن نكون منهم، أو أن يكون أبناؤنا منهم، فكن واسع النظرة، ولا تكن ضيق النظرة، ولا تنظر تحت قدمك، ورب ولدك على ذلك.
نظر الناس إلى معاوية وأمه تحمله، وعجبوا من ذكائه وقالوا: لو شب سيسود قومه، فقالت أمه: ثكلته إن لم يسد إلا قومه.
تمنت له الموت إن لم يسد إلا قومه فقط، بل تمنت أن يسود الدنيا وأن يسود العالم، فلماذا لا تنظر أيها الوالد! لولدك هذه النظرة؟ ولماذا لا تنظرين يا أم! لولدك هذه النظرة؟ ولماذا لا نعد أجيالنا وأبناءنا ليكونوا من عباد الله الربانيين الذين وعدهم الله في قرآنه بالجولة الأخيرة على اليهود، إنه وعد قرآني لا نشك فيه البتة، قال الله سبحانه: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:8 - 9].
وقال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:55].
وقال الله جل وعلا: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:249]، وقال الله جل وعلا: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]، وقال الله جل وعلا: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:110]، وقال الله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:36].
وقال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى كما في الحديث الذي رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني من حديث تميم الداري أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ليبلغن هذا الأمر -أي: هذا الدين- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر).
وقال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد من حديث حذيفة بن اليمان: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها -اسمع للصادق الذي لا ينطق عن الهوى، قال بعد الملك الجبري الذي تحياه الأمة الآن-: ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) أسأل الله أن يُعجل بها.