أيها المسلمون! أعلنها بأعلى صوتي: لن نعيد الإسلام للبشرية بالخطب الرنانة، ولن نعيد الإسلام للدنيا بالمواعظ المؤثرة، لا ورب الكعبة! وإنما نعيد الإسلام للبشرية كلها بأن نقدم نموذجاً عملياً لهؤلاء، ونقول لهم: هذا هو الإسلام، وهذا هو دين محمد عليه الصلاة والسلام.
وقد ذكرت في خطبة لي عن أمريكا أننا التقينا بأخت أمريكية تسمى كليرا محمد تلكم الأخت التي أنشأت وحدها خمسين مدرسة إسلامية في أمريكا، وفي فرجينيا أنشأت جامعة لتخرج فيها المعلمين الذين يدرسون في مثل هذه المدارس والكليات.
أيها الأحبة الكرام! تلك بشائر مؤتمرات هنا وهنالك، ووفود وأعداد كبيرة، ونرى الناس يقبلون على دين الله عز وجل؛ فإن هذا الشعب يصرخ يريد غذاءً للفطرة، ويريد دواءً للروح، والروح الآن تصرخ: أعطوا البدن كل ما يشتهيه، وأعطوا البدن كل ما يريد، فصرخت الروح أريد غذائي أريد دوائي، أريد علاجي؛ لأن الروح يا إخواني! لا توزن بالجرام، ولا تقاس بالترمومتر، ولا تخضع لبوتقة في معمل تجارب، وإنما هذه الروح لا يعلم حقيقتها إلا الله وغذاؤها ودواؤها في منهج الله، قال عز وجل: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه:124 - 126]، وأكتفي بهذا القدر، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا جميعاً صالح الأعمال، وأن يكتب لنا الخطوات في موازين أعمالنا وصحائف حسناتنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.