أيها الأفاضل! ما أحوجنا أن نرجع من جديد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لنسير على دربه، فوالله لا سعادة لنا ولا نجاة في الدنيا والآخرة إلا إذا عدنا من جديد إليه وسرنا على نفس الدرب الذي سار عليه، ورددنا مع السابقين الأولين الصادقين قولتهم الخالدة: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285].
فلنفرق بين مقامي الدعوة والجهاد، فمقام الجهاد يحتاج إلى رجولة وغلظة، أما مقام الدعوة فيحتاج إلى رقة وحكمة وتواضع ولين: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125]، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159].
أما في مقام الجهاد فقال ربنا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التحريم:9]، فالخلط بين مقامي الدعوة والجهاد يوقعنا في حرج بالغ، فلنتحرك الآن بصدق وبهمة عالية وبإخلاص وبرجولة: ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام أنت تقدر أن تفعل أي شيء فتحرك لدين الله مر بالمعروف بمعروف، وانه عن المنكر بغير منكر، واحمل هم هذا الدين، واشهد لدين الله في موقعك الذي أنت فيه، في موقع إنتاجك وموطن عطائك، فهذه أعظم خدمة نقدمها اليوم لدين الله، فلسنا أقل من هؤلاء الذين أبدعوا في الشرق والغرب، بل يجب على هذه الأمة أن تبدع في كل مناحي الحياة بعد أن تحقق إيمانها بالله وإيمانها برسول الله صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله جل وعلا أن يردنا إلى الحق رداً جميلاً، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً! اللهم وكما آمنا بنبيك ولم نره فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله، اللهم وأوردنا حوضه الأصفى، اللهم اسقنا منه شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً يا رب العالمين! اللهم لا تدع لأحد منا في هذه الليلة الكريمة المرجوة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أنج المسلمين المستضعفين في فلسطين، وأنج المسلمين المستضعفين في العراق، وأنج المسلمين المستضعفين في الشيشان، وأنج المسلمين المستضعفين في أفغانستان وفي كل مكان.
اللهم اجعل دولة قطر أمناً أماناً سخاءً رخاءً، وجميع بلاد المسلمين! اللهم لا تحرم هذا البلد من نعمة الأمن والأمان وجميع بلاد المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين! هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويرمى به في جهنم، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.