إننا في أمس الحاجة في هذه الظروف الحالكة إلى أن يفتش كل مسلم ومسلمة في حال قلبه، وفي حاله مع ربه تبارك وتعالى، فالموضوع جليل وخطير، وذلك للأسباب التالية: أولاً: الموضوع متعلق بالقلب، وما سمي القلب قلباً إلا لكثرة تقلبه، فقلبك الآن على حال، وإن خرجت وجلست أمام التلفاز يتغير حال قلبك حتماً عن حاله الذي أنت عليه الآن، لذا كان حبيب القلوب محمد صلى الله عليه وسلم يتضرع إلى الله عز وجل بهذا الدعاء (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) وفي مسند أحمد بسند حسن، قالت أم سلمة: (يا رسول الله! أوإن القلوب لتتقلب؟ قال: ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، إن شاء الله أزاغه، وإن شاء الله أقامه) رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد.
ثم قال: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك).
والقلوب أربعة، كما في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وهو يصح موقوفاً على حذيفة، ويضعف مرفوعاً، ومدار تضعيف علمائنا لهذا السند على الليث بن أبي سليم، والليث متكلم فيه، وإن كان لا يرد كما قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، لكن الراجح أنه يصح موقوفاً على حذيفة رضي الله عنه، قال: (القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمي، فذلك قلب المنافق، وقلب تمده مادتان مادة إيمان ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما)، أي: فإن غلبت مواد الإيمان على قلبك مال إلى الإيمان، وإن غلبت مواد النفاق على قلبك مال إلى النفاق، أسأل الله أن يملأ قلوبنا وإياكم بالإيمان، وأن يجنبنا وإياكم النفاق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.