ثالثاً: الموضوع مهم لأن الصلاح أمر جليل، فقد يتصور كثير من المسلمين والمسلمات أن صلاح القلب أمر هين، ويقولون: فلان صالح وفلان صلاح مع أن الصلاح أيها الأفاضل أمنية الأنبياء والمرسلين، إي والله إن الصلاح أمنية الأنبياء والمرسلين.
فالصلاح لغة: مصدر صلح يصلح صلاحاً، وهو ضد الفساد.
والصلاح شرعاً واصطلاحاً: سلوك سبيل الهدى.
فالعبد الصالح هو المستقيم على طاعة الله، القائم بما عليه من حقوق لله جل وعلا وحقوق لخلق الله تبارك وتعالى، تدبروا معي هذا الدعاء الودود المشرق للكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، يتضرع إلى الله جل وعلا ويقول: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:101] يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يرجو ربه جل وعلا أن يلحقه بالصالحين.
وهذا إمام الموحدين، وقدوة المحققين، وأسوة سيد المرسلين خليل الله إبراهيم؛ يتضرع إلى الله جل وعلا بهذا الدعاء: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء:83] فالصلاح أيها الأفاضل أمنية وغاية الأنبياء والمرسلين، لذا فلا تتصور أن صلاح القلب أمر يسير، بل والله يحتاج إلى جهد شاق، ودرب طويل، فهاهو سائل يذهب يوماً إلي سفيان الثوري ليقول له: يا سفيان! لقد ابتليت بمرض في قلبي فصف لي دواءً، فقال سفيان: عليك بعروق الإخلاص، وورق الصبر، وعصير التواضع، ضع هذا كله في إناء التقوى، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد عليه نار الحزن على المعصية، وصفه بمصفاة المراقبة، وتناوله بكف الصدق، واشربه من كأس الاستغفار، وتمضمض بالورع، وابتعد عن الحرص والطمع؛ تشف من مرضك بإذن الله.
هذا منهج لصلاح القلوب، فلا تتصور أن تطبيق هذا المنهج أمر يسير، بل يحتاج إلى صدق مع الله سبحانه وتعالى كما سأبين في المحور الثالث بإذن الله جل وعلا.